للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطاعته مشيخة ذباب أعراب من بني سليم. ووفد منهم خالد بن سبّاع بن يعقوب شيخ المحاميد وابن عمّه عليّ بن راشد فيمن إليهم يستحثّونه إلى منازلة قابس، فأغذّ السير إليها وقدّم رسله بين يديه بالإنذار لابن مكي. وانتهوا إليه فرجعهم بالإنابة والانقياد إلى الطاعة. ثم احتمل رواحله وعبّى ذخائره وخرج من البلد، ونزل على أحياء دباب هو وابنه يحيى وحافده عبد الوهاب ابن ابنه مكي مالك [١] لها منذ سنين من قبل.

واتصل الخبر بالسلطان فبادر إلى البلد ودخلها في ذي القعدة من سنته، واستولى على منازل ابن مكي وقصوره. ولاذ أهل البلد بطاعته وولّى عليها من حاشيته، وكان أبو بكر بن ثابت صاحب طرابلس قد بعث إلى السلطان بالطاعة والانحياش، ووافته رسله دون قابس. فلما استكمل فتحها بعث إليه من حاشيته لاقتضاء ذلك فرجعهم بالطاعة، وأقام عبد الملك بن مكي بعد خروجه من قابس بين أحياء العرب ليالي قلائل. ثم بغته الموت فهلك ولحق ابنه وحافده بطرابلس فمنعهم ابن ثابت الدخول إليها فنزلوا بزنزور من قراها في كفالة الجواري من بطون ذباب. ولما استكمل السلطان الفتح وشئونه انكفأ راجعا إلى الحضرة فدخلها فاتح اثنتين وثمانين وسبعمائة ولحق إليه رسوله [٢] من طرابلس بهدية ابن ثابت من الرقيق والمتاع بما فيه الوفاء بمغارمه بزعمه.

ووفد عليه بعد استقراره بالحضرة رسل أولاد أبي الليل متطارحين في العفو عنهم والقبول عليهم فأجابهم إلى ذلك. ووفد صولة بن خالد شيخهم وقبله أبو صعنونة شيخ حكيم، ورهنوا أبناءهم على الوفاء واستقاموا على الطاعة. واتصل النجح والظهور والأمر على ذلك لهذا العهد وهو فاتح ثلاث وثمانين وسبعمائة، والله مالك الأمور لا رب غيره.

[(الخبر عن استقامة ابن مزني وانقياده وما اكتنف ذلك من الأحوال)]

كان هؤلاء الرؤساء المستبدّون بالجريد بالزاب منذ فرغ السلطان لهم من الشواغل،


[١] وفي نسخة أخرى: الهالك.
[٢] وفي نسخة أخرى: ولحقه رسله.

<<  <  ج: ص:  >  >>