للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقدّم من ذنبه. فقال: أفتراه أعظم ذنبا من الفضل بن الربيع وقد أخذ جميع ما أوصى له به الرشيد من الأموال والسلاح وذهب مع القوّاد إلى أخي، وأسلمني وأفسد عليّ حتى كان ما كان، ومن عيسى بن أبي خالد وقد خالف عليّ ببلدي وأخرب داري، وبايع لإبراهيم دوني فقال ابن جعفر: يا أمير المؤمنين هؤلاء لهم سوابق ودالّة يبقون بها، ونصر ليست له في دولتكم سابقة وإنما كان من جند بني أمية، وأنا لا أجيب إلى هذا الشرط، ولحّ نصر في الخلاف حتى جهده الحصار واستأمن فأمّنه عبد الله بن طاهر وخرج إليه سنة عشرة وبعث به إلى المأمون وأخرب حصن كيسوم لخمس سنين من حصاره ورجع عبد الله بن طاهر إلى الرقّة ثم قدم بغداد سنة إحدى عشرة فتلقّاه العبّاس بن المأمون والمعتصم وسائر الناس.

[الظفر بابن عائشة وبإبراهيم بن المهدي]

كان إبراهيم بن محمد بن عبد الوهّاب بن إبراهيم الإمام ويعرف بابن عائشة ممن تولّى كبر البيعة لإبراهيم بن المهدي ومعه إبراهيم بن الأغلب ومالك بن شاهين وكانوا قد اختفوا عند قدوم المأمون في نواحي بغداد. ولما وصل نصر بن شيث وخرجت النظارة أنفذوا للخروج في ذلك اليوم ثم غلبهم بعض الناس فأخذوا في صفر من سنة عشرة، ثم ضربوا حتى أقرّوا على من كان معهم في الأمر فلم يعرض لهم المأمون وحبسهم فضاق عليهم المحبس وأرادوا أن ينقبوه، فركب المأمون بنفسه وقتلهم وصلب ابن عائشة ثم صلّى عليه ودفنه. ثم أخذ في هذه السنة إبراهيم بن المهدي وهو متنقب في زيّ امرأة يمشي بين امرأتين واستراب به بعض العسس وقال أين تردن في هذا الوقت؟ فأعطاه إبراهيم خاتم ياقوت في يده فازداد ريبة ورفعهنّ إلى صاحب المسلحة، وجاء بهنّ إلى صاحب الجسر فذهب به إلى المأمون، وأحضره والغل في عنقه والملحبة [١] على صدره ليراه بنو هاشم والناس. ثم حبسه عند أحمد بن أبي خالد، ثم أخرجه معه عند ما سار الحسن بن سهل ليغنم الصلح، فشفع فيه الحسن وقيل ابنته بوران، وقيل إنّ إبراهيم لما أخذ حمل إلى دار المعتصم وكان عند المأمون فأدخله عليه وأنّبه فيما كان منه. واعتذر بمنظوم من الكلام ومنثور أتى فيه من وراء الغاية وهو منقول في كتب التاريخ فلا نطيل بنقله.


[١] الملحبة: كل ما يقطع به.

<<  <  ج: ص:  >  >>