الطاعة وخطب له بالكوفة وأزال حكم بني عقيل عن سقي الفرات. ثم سار بدران بن المقلّد في جموع من العرب إلى نصيبين وحاصرها وهي لنصير الدولة بن مروان فجهّز لهم الجند، وبعثهم إليها فقاتلوا بدران فانهزم أولا. ثم عطف عليهم فانهزموا وأثخن فيهم، وبلغه الخبر أنّ أخاه قراوش قد وصل الى الموصل فأجفل خوفا منه.
[(استيلاء الغز على الموصل)]
كان هؤلاء الغزّ من شعوب الترك بمفازة بخارى، وكثر فسادهم في جهاتها فأجاز إليهم محمود بن سبكتكين، وهرب صاحب بخارى وحضر عنده أميرهم أرسلان بن سلجوق فقبض عليه وحبسه بالهند، ونهب أحياءهم وقتل كثيرا منهم فهربوا الى خراسان وأفسدوا ونهبوا فبعث إليهم العساكر فأثخنوا فيهم وأجلوهم عن خراسان.
ولحق كثير منهم بأصبهان وقاتلوا صاحبها وذلك سنة عشرين وأربعمائة. ثم افترقوا فسارت طائفة منهم إلى جبل بكجار عند خوارزم ولحقت طائفة أخرى بأذربيجان وأميرها يومئذ وهشوذان فأكرمهم، ووصلهم ليكفّوا عن فسادهم فلم يفعلوا. وكان مقدّموهم أربعة: توقا وكوكناش ومنصور ودانا فدخلوا مراغة سنة تسع وعشرين [وأربعمائة] ونهبوها وأثخنوا في الأكراد الهدبانيّة، وسارت طائفة منهم الى الريّ فحاصروها وأميرها علاء الدين بن كاكويه واقتحموا عليه البلد وأفحشوا في النهب والقتل، وفعلوا كذلك في الكرخ وقزوين. ثم ساروا إلى أرمينية وعاثوا في نواحيها وفي أكرادها. ثم عاثوا في الدينور سنة ثلاثين. ثم أوقع وهشوذان صاحب تبريز لجماعة منهم في بلده وكانوا ثلاثين ومقدّمهم، فضعف الباقون وأكثر فيهم القتل. واجتمع الغز الذين بأرمينية، وساروا نحو بلاد الأكراد الهكّاريّة من أعمال الموصل فأثخنوا فيهم، وعاثوا في البلاد. ثم كرّ عليهم الأكراد فنالوا منهم وافترقوا في الجبال وتمزّقوا.
وبلغهم مسير نيال أخي السلطان طغرلبك وهم في الريّ وكانوا شاردين منه فأجفلوا من الريّ، وقصدوا ديار بكر والموصل سنة ثلاث وثلاثين واربعمائة ونزلوا جزيرة ابن عمر، ونهبوا باقردى وبازبدى والحسنية وغدر سليمان بن نصير الدولة بن مروان بأمير منهم، وهو منصور بن عزعنيل فقبض عليه وحبسه، وافترق أصحابه في كل جهة.