المتوكّل سنة ثمان وثلاثين، وأخرج منها زيّان بن مردنيش، وتلقّب بهاء الدولة، وهلك سنة سبع وخمسين وستمائة. وولي ابنه الأمير أبو جعفر، ثم ثار عليه سنة اثنتين وستين أبو بكر الواثق الّذي كان ابن خطّاب خلعه، وهو المتوكل أمير المسلمين، وبقي بها أميرا إلى أن ضايقه الفنش والبرشلونيّ، فبعث إليه عبد الله بن علي بن أشقيلولة، وتسلّم مرسية منه. وخطب بها لابن الأحمر. ثم خرج منها راجعا إلى ابن الأحمر فأوقع به البصريّ في طريقه، ورجع الواثق إلى مرسية ثالثة فلم يزل بها إلى أن ملكها العدوّ من يده سنة ثمان وستين، وعوّضه منها حصنا من عملها يسمّى يسّ إلى أن هلك، والله خير الوارثين.
[(الخبر عن دولة بني الأحمر ملوك الأندلس لهذا العهد ومبدإ أمورهم وتصاريف أحوالهم)]
أصلهم من أرجونة من حصون قرطبة ولهم فيها سلف في أبناء الجند ويعرفون ببني نصر، وينسبون إلى سعد بن عبادة سيد الخزرج، وكان كبيرهم لآخر دولة الموحّدين محمد ابن يوسف بن نصر، ويعرف بالشيخ وأخوه إسماعيل. وكانت لهم وجاهة في ناحيتهم. ولما فشل ريح الموحّدين وضعف أمرهم وكثر الثوّار بالأندلس، وأعطى حصونها للطاغية، واستقل بأمر الجماعة محمد بن يوسف بن هود الثائر بمرسية، فأقام بدعوته العبّاسيّة، وتغلّب على شرق الأندلس أجمع فتصدّى محمد بن يوسف هذا للثورة على ابن هود وبويع له سنة تسع وعشرين وستمائة على الدعاء للأمير أبي زكريا صاحب إفريقية، وأطاعته حيّان [١] وشريش سنة ثلاثين بعدها، وكان يعرف بالشيخ ويلقّب بأبي دبوس. واستظهر على أمره أوّلا بقرابته من بني نصر وأصهاره بني أشقيلولة عبد الله وعلي. ثم بايع لابن هود سنة إحدى وثلاثين عند ما وصله خطاب الخليفة من بغداد. ثم ثار بإشبيليّة أبو مروان الباجي عند خروج ابن هود عنها، ورجوعه إلى مرسية فداخله محمد بن الأحمر في الصلح على أن يزوّجه ابنته فأطاعه، ودخل إشبيلية سنة اثنتين وثلاثين. ثم فتك بابن الباجي وقتله، وتناول