وبلغهم خبر الأتراك مع المهتدي فأقاموا ثم زحفوا بخلع المهتدي، فلما ولي المعتمد سيّر مفلحا إلى قتال مساور في عسكر كبير وخرج مساور عن الحديثة إلى جبلين حذاءها وقاتله مفلح في أتباعه، ولحق الجبل فاعتصم به وأقام مفلح في حصاره، فكانت بينهما وقعات وكثرت الجراحة في أصحاب مساور من لدن حربه مع عبيدة إلى هذه الحروب فسار عن الجبل وتركه وأصبح مفلح وقد فقدهم فسار إلى الموصل ثم إلى ديار ربيعة وسنجار ونصيبين والخابور، فأصلح أمورها وخرج من الموصل إلى الحديثة ففارقها عنه فرجع مساور في اتباعهم يتخطّف من أعقابهم ويقاتلهم حتى وصل الحديثة فأقام بها أياما، ثم سار إلى بغداد في رمضان سنة ست وخمسين فرجع مساور الحديثة واستولى على البلاد واشتدّت شوكته، ثم أوقع به مسرور البلخي سنة ثمان وخمسين، وجهّز العسكر بالحديثة مع جعلان من قوّاد الترك. ثم قتل سنة إحدى وستين يحيى بن جعفر من ولاة خراسان، وسار مسرور في طلبه وتبعه الموفّق فلم يدركاه.
[مقتل وصيف ثم بغا]
وفي سنة ثلاث وخمسين أيام المعتز اجتمع الجند من الأتراك والفراغنة والأشروسية فطلبوا أرزاقهم منهم لأربعة أشهر وشغبوا، فخرج إليهم بغا ووصيف وسيما الطويل، وكلّمهم وصيف واعتذر بعدم المال وقال: خذوا الزاب في أرزاقكم. ونزلوا بدار أشناس يتناظرون في ذلك، ومضى بغا وسيما إلى المعتزّ يسألانه في أمرهم، وبقي وصيف في أيديهم فوثب عليه بعضهم فقتله وقطعوا رأسه ونصبوه. ثم انقادوا وأهدر لهم ذلك، وجعل المعتز لبغا الشرابي ما كان لوصيف وألبسه التاج والوشاحين، ثم تغيّر له المعتز لما عليه من الاستبداد على الدولة، وخشي غائلته ومال باطنا إلى بابكيال وداخله في أمره واعتده لذلك. ثم زوّج بغا ابنته آمنة من صالح بن وصيف وشغل بجهازها، فركب المعتز في تلك الغفلة ومعه حمدان بن إسرائيل إلى بابكيال في كرخ سامرّا وكانت بينه وبين بغا وحشة شديدة وبلغ ذلك بغا فركب في خمسمائة من غلمانه وولده وقوّاده، وكان أكثرهم منحرفين عنه ولحق بالسنّ، وأقام المعتزّ على وجل لا ينام إلا بسلاحه. ثم تعلّل أصحاب بغا عليه فأعرض عنهم وركب البحر راجعا إلى بغداد، وجاء الجسر ليلا لئلا يفطن به الموكّلون هنالك، وبعثوا إلى المعتزّ