فقتله يوسف وبعث برأسه إلى هشام وصلب شلوه بالكناسة ولحق ابنه يحيى بخراسان فأقام بها، ثم دعته شيعة إلى الخروج فخرج هنالك سنة خمس وعشرين، وسرّح إليه نصر بن سيّار العساكر مع سالم بن أحور المازنيّ فقتلوه وبعث برأسه إلى الوليد وصلب شلوه بالجوزجان وانقرض شأن الزيدية. وأقام الشيعة على شأنهم وانتظار أمرهم، والدعاء لهم في النواحي يدعون على الأحجال [١] للرضا من آل محمد، ولا يصرّحون بمن يدعون له حذرا عليه من أهل الدولة. وكان شيعة محمد بن الحنفية أكثر شيعة أهل البيت، وكانوا يرون أنّ الأمر بعد محمد بن الحنفيّة لابنه أبي هشام عبد الله. وكان كثيرا ما يغدو على سليمان بن عبد الملك فمرّ في بعض أسفاره محمد بن علي ابن عبد الله بن عبّاس بمنزله بالحميمة من أعمال البلقاء فنزل عليه وأدركه المرض عنده فمات، وأوصى له بالأمر. وقد كان أعلم شيعته بالعراق وخراسان أنّ الأمر صائر إلى ولد محمد بن عليّ هذا، فلما مات قصدت الشيعة محمد بن عليّ وبايعوه سرّا. وبعث الدعاة منهم إلى الآفاق على رأس مائة من الهجرة أيام عمر بن عبد العزيز، وأجابه عامّة أهل خراسان وبعث عليهم النقباء وتداول أمرهم هنالك. وتوفي محمد سنة أربع وعشرين وعهد لابنه إبراهيم وأوصى الدعاة بذلك وكانوا يسمّونه الإمام. ثم بعث أبو مسلم إلى أهل دعوته بخراسان ليقوم فيهم بأمره فهلك، وكتب إليهم بولايته ثم قبض مروان بن محمد على إبراهيم الإمام وحبسه بخراسان فهلك هنالك لسنة. وملك أبو مسلم خراسان وزحف إلى العراق فملكها كما ذكرنا ذلك كله من قبل وغلبوا بني أمية على أمرهم وانقرضت دولتهم.
الخبر عن بني العبّاس من دول الإسلام في هذه الطبقة الثالثة للعرب وأولية أمرهم وإنشاء دولتهم والإلمام بنكت أخبارهم وعيون أحاديثهم
هذه الدولة من دولة الشيعة كما ذكرناه وفرقها منهم يعرفون بالكيسانية، وهم القائلون بإمامة محمد بن عليّ بن الحنفية بعد عليّ، ثم بعده إلى ابنه أبي هشام عبد الله. ثم