أميرهم الزبير بن طلحة متحيّزا إلى السلطان. وأجفلوا عن تلمسان وخرجوا إلى الصحراء. ودخل السلطان إلى تلمسان ثالث رجب، وخالفه أبو حمّو وأشياعه إلى المغرب، فنزلوا كرسيف بلد ونزمار بن عريف، وخرّبوه واكتسحوا ما وجدوا فيه حقدا على ونزمار وقومه بولاية بني مرين. وتخطوا إلى وطاط، فعاثوا في نواحيه، وانقلبوا إلى أنكاد، وبلغ السلطان خبرهم فتلافى أمر المغرب. وعقد على تلمسان لحافد من حفدة السلطان أبي تاشفين، كان ربّي في حجرهم وتحت كفالة نعمتهم، وهو أبو زيّان محمد بن عثمان، وشهرته بالفتى، وأنزله بالقصر القديم من تلمسان وعسكر عليه زناتة الشرق كلّهم، واستوزر له ابن عمّه عمر بن محمد بن إبراهيم بن مكي [١] ومن أبناء وزرائهم سعيد بن موسى بن علي، وأعطاه عشرة أحمال من المال دنانير ودراهم، ودفع إليه الآلة. وذكر حينئذ لمولانا السلطان أبي العبّاس سوابقه وإيلافه في المنزل الخشن، فنزل له عن محل إمارته قسنطينة.
وصرف أيضا المولى أبا عبد الله صاحب بجاية لاسترجاع بلده بجاية، فعقد لهما بذلك وحملهما. وخلع عليهما وأعطاهما حملين من المال.
وكانت بجاية لذلك العهد قد تغلّب عليها عمّهم المولى أبو إسحاق إبراهيم صاحب تونس، فكتب إلى عاملهم على قسنطينة منصور بن الحاج خلوف أن ينزل عن بلدة مولانا السلطان أبي العبّاس أحمد، ويمكّنه منها، وودّع هؤلاء الأمراء وانكفأ راجعا إلى حضرته لسدّ ثغور المغرب، وحسم داء العدوّ، فدخل فاس في شعبان من سنته. ولم يلبث أن رجع أبو زيّان على أثره بعد أن أجفل عن تلمسان ولحق بوانشريش. وتغلّب عليه أبو حمّو وفضّ جموعه، فلحق بالسلطان واستقلّ أبو حمّو بملك تلمسان، وبعث في السلم إلى السلطان فعقد له من ذلك ما رضيه كما ذكرناه.
[الخبر عن مهلك السلطان أبي سالم واستيلاء عمر بن عبد الله على ملك المغرب ونصبه للملوك واحدا بعد واحد إلى أن هلك]
كان السلطان قد غلب على هواه الخطيب أبو عبد الله بن مرزوق وكان من خبره أن