للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي نوح وفعل به مثله، وقبض على الحسن بن مخلد كذلك ولم يمت. وبلغ المهتدي ذلك فنكره وقال: كان الحبس كافيا في العقوبة. ولأوّل ولاية المهتدي أخرج القيان والمغنّين من سامرّا ونفاهم عنها، وأمر بقتل السباع التي كانت في دار السلطان وطرد الكلاب وردّ المظالم وجلس للعامة، وكانت الفتن قائمة، والدولة مضطربة، فشمّر لإصلاحها لو أمهل واستوزر سليمان بن وهب وغلب على أمره صالح بن وصيف وقام بالدولة.

[مسير موسى بن بغا إلى سامرا ومقتل صالح بن وصيف]

كان موسى بن بغا غائبا بنواحي الريّ وأصبهان منذ ولاية المعتز عليها سنة ثلاث وخمسين، ومعه مفلح غلام أبي الساج، وكانت قبيحة أم المعتز لما رأت اضطراب أموره كتبت إلى موسى قبل أن يفوت في أمره، فجاءه كتابها، وقد بعث مفلحا لحرب الحسن بن زيد العلويّ فحربه [١] بطبرستان فغلبه، وأحرق قصوره بآمد وخرج في اتباعه إلى الديلم، فكتب إلى موسى بالرجوع لمداهمة من شاء وبينما هو في استقدامه وانتظاره قتل المعتزّ وبويع المهتدي، وبلغ أصحابه ما حواه صالح من أموال المعتز وكتّابه وأمّه، فشرهوا إلى مثل ذلك، وأغروا موسى بالمسير إلى سامرّا، ورجع مفلح من بلاد الديلم إليه وهو بالريّ، فسار نحو سامرّا وسمع المهتدي بذلك فكتب إليه بالمقام ويحذّره على ما وراءه من العلويين فلم يصغ لذلك، وأفحش أصحابه في إساءة الرسل الواصلين بالكتب. فكتب بالاعتذار واحتج بما عاينه الرسل وأنه يخشى أن يقتله أصحابه إن عادوا إلى الريّ وصالح بن وصيف في خلال ذلك يغري به المهتدي وينسبه إلى المعصية والخلاف، إلى أن قدم في المحرّم سنة ست وخمسين ودخل في التبعية، فاختفى صالح بن وصيف ومضى موسى إلى الجوسق والمهتدي جالس للمظالم فأعرض له عن الإذن ساعة ارتاب فيها هو وأصحابه وظنّوا أنه ينتظر قدوم صالح بالعساكر. ثم أذن لهم فدخلوا وقبضوا على المهتدي وأودعوه دار باجورة [٢] وانتهبوا ما كان في الجوسق. واستغاث المهتدي بموسى فعطف عليه ثم


[١] لعلها فحاربه.
[٢] دار ياجور: ابن الأثير ج ٧ ص ٢١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>