وأهل وظائف من كانت له واستقرّ أمر الدولة على ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم.
[واقعة الاجلاب ثم نكبتهم ومهلك استدمر وذهاب دولته]
ثم تنافس هؤلاء القائمون بالدولة وحبسوا قرابقا السرغتمشي صاحبهم وامتعض له تغري بدمشق وداخل بعض الأمراء في الثورة ووافقه ايبك البدري وجماعة معه وركب منتصف رجب سنة ثمان وستين للحرب فركب له استدمر وأصحابه فتقبضوا عليهم وحبسوهم بالإسكندرية وعظم طغيان هؤلاء الاجلاب وكثر عيثهم في البلد وتجاوزهم حدود الشريعة والملك وفاوض السلطان أمراءه في شأنهم فأشاروا بمعاجلتهم وحسم دائهم فنبذ السلطان اليهم العهد وجلس على كرسيه بالأساطيل وتقدّم الى الأمراء بالركوب فركب الجائي اليوسفي وطغتمر النظامي وسائر أمراء السلطان ومن استخدموه من مماليك بيبقا وتحيز اليهم ايبقا الجلب وبحماس الطازي عن صاحبهما استدمر وركب لقتالهم استدمر وأصحابه وسائر الاجلاب وحاصروا القلعة إلى أن خرج عند الطلحساه السلطانية فاختل مركز الأمراء وفارقهم المستخدمون عندهم من مماليك بيبقا فانقض جمعهم وانهزموا وثبت الجائي اليوسفي وارغون التتر في سبعين من مماليكهم فوقفوا قليلا ثم انهزموا إلى قبة النصر وقتل دروط ابن أخي الحاج الملك وقبض على ايبقا الجلب جريحا وعلى طغتمر النظامي وعلى بحماس الطازي والجائي اليوسفي وارغون التتر وكثير من أمراء الألوف ومن دونهم واستولى استدمر وأصحابه الاجلاب على السلطان كما كانوا وولى مكان المحبوسين من الأمراء وأهل الوظائف وعاد خليل بن قوصون على أمرته وعزل قشتمر عن طرابلس وحبس بالإسكندرية واستبدل بكثير من أمراء الشام واستمرّ الحال على ذلك بقية السنة والاجلاب على حالهم في الاستهتار بالسلطان والرعية فلما كان محرّم سنة تسع وستين عادوا إلى الاجلاب على الدولة فركب أمراء السلطان إلى استدمر يشكونهم ويعاتبونهم في شأنهم فقبض على جماعة منهم كسر بهم الفتنة وذلك يوم الأربعاء سادس صفر فلما كان يوم السبت عاودوا الركوب ونادوا بخلع السلطان فركب السلطان في مماليكه ونحو المائتين والتف عليهم العوامّ وقد حنقوا على الاجلاب بشراشرهم فيهم وركب استدمر في الاجلاب على التعبية وهم ألف وخمسمائة وجاءوا من وراء القلعة على عادتهم حتى شارفوا القوم فأحجموا ووقفوا وأدلفتهم الحجارة من أيدي العوامّ بالمقاليع وحملت عليهم العساكر فانهزموا وقبض على قرابقا السرغتمشي وجماعة معه فحبسوا بالخزانة