للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتكرمة، وبعثوا الظهر إلى غسّاسة لركوبها وحمل أثقالها، وصيغت حكمات الذهب والفضّة ومدّت ولايا الحرير المغشّاة بالذهب، واحتفل لوافدها وأعراسها غاية الاحتفال بما لم يسمع مثله في دولتهم. وتولت قهارمة الدار من عجز النساء ما يتولاه مثلهم من ذلك فطم الصنيع، وتحدّث الناس به. وهلك السلطان أبو سعيد بين يدي موصلها، والبقاء للَّه وحده.

[(الخبر عن مهلك السلطان أبي سعيد عفا الله عنه وولاية السلطان أبي الحسن وما تخلل ذلك من الاحداث)]

كان السلطان لما بلغه وصول العروس بنت مولانا السلطان أبي يحيى سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة واهتزّت الدولة لقدومها عليهم تعظيما لحق أبيها وقومها واحتفاء بها، ارتحل السلطان أبو سعيد إلى تازى ليشارف أحوالها بنفسه احتفاء [١] في تكرمتها وسرورا بعرس ابنه. واعتلّ هنالك ومرض حتى إذا أشفى على الهلكة، ارتحل به وليّ العهد الأمير أبو الحسن إلى الحضرة، وحمله في فراشه على أكتاف الحاشية والخول، حتى نزل بسبو، ثم أدخله كذلك ليلا إلى داره. وأدركته المنية في طريقه، فقضى رحمة الله عليه، فوضعوه بمكانه من البيت. واستدعى الصالحين لمواراته، فووري لشهر ذي الحجة سنة إحدى وثلاثين وستمائة والبقاء للَّه وحده، وكل شيء هالك إلّا وجهه.

ولما هلك السلطان أبو سعيد اجتمع الخاصّة من المشيخة ورجالات الدولة لوليّ عهده الأمير أبي الحسن، وعقدوا له على أنفسهم، وآتوه طاعتهم وبيعتهم. وأمر بنقل معسكره من سبو، وأضرب بالزيتون من ساحة فاس. ولما ووري السلطان، خرج إلى معسكره بالتعبية، واجتمع إليه الناس على طبقاتهم لأداء البيعة، وجلس بفسطاطه، وتولى أخذ البيعة له يومئذ على الناس المزوار عبّو بن قاسم رئيس الوزعة [٢] ، والمتصرّفين وحاجب الباب القديم الولاية بذلك في دارهم منذ عهد السلطان يوسف بن يعقوب. وزفّت إليه يومئذ عروسه بنت السلطان أبي يحيى،


[١] وفي النسخة المصرية: استبلاغا.
[٢] ج وازع وهو الّذي يتولى أمر الجيوش. (قاموس) .

<<  <  ج: ص:  >  >>