ارتاب بأمرهم في تلك الناحية، وخشي من إفسادهم وعيثهم، فنقلهم في عسكر الى موطن شلف لحمايته، فنزلوا به. ولما ارتحل بنو مرين من بعد مهلك يوسف بن يعقوب أقاموا ببلاد شلف فأعقابهم بها لهذا العهد، وأحوالهم جميعا في كل قطر متقاربة في المغرم والعسكرة مع السلطان وللَّه الخلق والأمر جميعا. سبحانه لا إله إلا هو الملك العظيم.
[(الخبر عن بني يرنيان اخوة مغراوة وتصاريف أحوالهم)]
قد ذكرنا بني يرنيان هؤلاء، وأنهم إخوة مغراوة وبني يفرن، والكل ولد يصلتين.
ونسبهم جميعا إلى جانا مذكور هنالك، وهم مبثوثون كثيرا بين زناتة في المواطن.
وأمّا الجمهور منهم فموطنهم بملويّة من المغرب الأقصى ما بين سجلماسة وكرسيف، كانوا هناك مجاورين لمكناسة في مواطنهم، واختطوا حفافي وادي ملويّة قصورا كثيرة متقاربة الخطّة، ونزلوها وتعدّدت بطونهم وأفخاذهم في تلك الجهات. ومنهم بنو وطاط متوطّنون لهذا العهد بالجبال المطلّة على وادي ملوية من جهة القبلة، ما بينه وبين تازى وفاس، وبهم تعرف تلك القصور لهذا العهد، وكان لبني يرنيان هؤلاء صولة واعتزاز، وأجاز الحكم بن المستنصر منهم، والمنصور بن أبي عامر من بعده فيمن أجازوه من زناتة في المائة الرابعة، وكانوا من أفحل جند الأندلس وأشدّهم شوكة. وبقي أهل المواطن منهم في مواطنهم مع مكناسة أيام ملكهم، ويجمعهم معهم عصبية يحيى. ثم كانوا مع مغراوة أيضا أيام ملكهم المغرب الأقصى ولما ملك لمتونة والموحّدون من بعدهم لحق الظواعن منهم بالقفر، فاختلطوا بأحياء بني مرين الموالين لتلول المغرب من زناتة، أقاموا معهم في أحيائهم، وبقي من عجز عن الظعن منهم بمواطنهم: مثل بني وطاط وغيرهم، ففرضت عليهم المغارم والجبايات. ولما دخل بنو مرين للمغرب ساهموهم في اقتسام أعماله، وأقطعوهم البلد الطيب من ضواحي سلا والمعمورة، زيادة إلى وطنهم الأوّل بملوية، وأنزلوهم بنواحي سلا بعد أن كان منهم انحراف عنهم في سبيل المدافعة عن أوطانهم الأولى. ثم