أن قتل بها مسموما، وحمل إلى طليطلة فدفن بها، وزحف المعتمد بن عباد بعد مهلكه إلى قرطبة فملكها سنة تسع وستين وقتل ابن عكاشة واستخلف ابنه المأمون الفتح بن محمد، وصار غرب الأندلس كلّه في ملكه إلى أن دخل المرابطون الأندلس، وغلبوا عليهم سنة أربع وثمانين واربعمائة فقتل الفتح وحمل أباه المعتمد إلى أغمات كما ذكرناه ونذكره. والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
[(أخبار ابن الأفطس صاحب بطليوس من غرب الأندلس ومصاير أمره)]
ملك بطليوس من غرب الأندلس عند الفتنة واهتياجها أبو محمد عبد الله بن مسلمة التجيبي المعروف بابن الأفطس، واستبدّ بها سنة إحدى وستين وأربعمائة فهلك، وولي من بعده ابنه المظفر أبو بكر، واستفحل ملكه، وكان من أعاظم ملوك الطوائف. وكانت بينه وبين ابن ذي النون حروب مذكورة، وكذا مع ابن عباد بسبب ابن يحيى صاحب مليلة، أعانه ابن عباد عليه فاستولى بسبب ذلك على كثير من ثغوره ومعاقلة. واعتصم المظفر ببطليوس بعد هزيمتين هلك فيهما خلق كثير وذلك سنة ثلاث وأربعين. ثم أصلح بينهما ابن جهور وهلك المظفر سنة ستين وأربعمائة، وتولى بعده ابنه المتوكل أبو حفص عمر بن محمد المعروف بساجة ولم يزل سلطانا بها إلى أن قتله يوسف بن تاشفين أمير المرابطين سنة تسع وثمانين وأربعمائة. وقتل معه أولاده، أغراه به ابن عباد فلما تمكنت الاسترابة من المتوكل خاطب الطاغية واستراح إليه مما دهمه. وشعر به ابن عباد فكاتب يوسف بن تاشفين واستحثه لمعاجلته قبل أن يتصل بالطاغية، ويتصل بالثغر فاغذ إليه السير ووافاه سنة [١] فقبض عليه وعلى بنيه وقتلهم يوم الأضحى حسبما فذكر في أخبارهم. ورثاه ابن عبدون بقصيدته المشهورة وهي:
الدهر يفجع بعد العين بالأثر ... فما البكاء على الأشباح والصور
[١] رغم التدقيق في المراجع التي بين أيدينا لم نستطع تحديد هذه السنة.