وتركه بآخر رمق وقتل غلام من غلمان بعض المكوس للوزير ثار فيه بمولاه وكان كريما واسع الصدر وولى الوزارة على حين فساد القوانين وقلة الجباية فكان يضطرّ لاخذ أموال الناس بالإضافة فنفرت الصفوة منه ولما مات استوزر بركيارق بعده الخطير أبا منصور الميبذي كان وزيرا لمحمد وقد وكله في الحصار ببعض الأبواب فبعث اليه محمد نيال بن أبي شكين يطالبه بالأموال لإقامة العسكر فخرج من الباب ليلا ولحق ببلده وامتنع بقلعتها فأرسل السلطان بركيارق اليها عساكر وخاصروها حتى استأمن وجاء عند قتل وزيره الأغر فاستوزره بركيارق مكانه والله تعالى أعلم بغيبه.
مسير صاحب البصرة الى واسط
كان صاحب البصرة لهذا العهد إسماعيل بن ارسلان حين كان السلطان ملك شاه شحنة بالريّ وولاه عليها عند ما اضطرّ أهلها وعجز الولاة عنهم فحسنت كفايته وأثخن فيهم وأصلح أمورها ثم عزل عنها وأقطع السلطان بركيارق البصرة للأمير قماج وكان ممن لا يفارقه فاختار إسماعيل لولاية البصرة ثم نزع قماج عن بركيارق وانتقل الى خراسان فحدّثت إسماعيل نفسه بالاستبداد بالبصرة وانتقض وزحف اليه مهذب الدولة بن أبي الخير من البطيحة ومعقل بن صدقة بن منصور بن الحسين الاسدي من الجزيرة في العساكر والسفن فقاتلوه في مطاري وقتل معقل بسهم أصابه فعاد ابن أبي الخير الى البطيحة فأخذ إسماعيل السفن وذلك سنة احدى وتسعين وأسرهما واستفحل أمره بالبصرة وبنى قلعة بالايلة وقلعة بالشاطئ قبالة مطاري وأسقط كثيرا من المكوس واتسعت إمارته لشغل السلاطين بالفتنة وملك المسبار وأضافها الى ما بيده ولما كان سنة خمس وتسعين طمع في واسط وداخل بعض أهلها وركب اليها السفن الى نعماجار وخيم عليها بالجانب الشرقي أياما ودافعوه فارتحل راجعا حتى ظنّ خلاء البلد من الحامية فدس اليها من يضرم النار بها ليرجعوا فرجع عنهم فلما دخل أصحابه البلد فتك أهل البلد فيهم وعاد الى البصرة منهزما فوجد الأمير أبا سعيد محمد بن نصر بن محمود صاحب الأعمال لعمان وجنايا وشيراز وجزيرة بني نفيس محاصرا للبصرة وكان أبو سعيد قد استبدّ بهذه الأعمال منذ سنين وطمع إسماعيل في الاستيلاء على أعماله وبعث اليها السفن في البحر فرجعوا خائبين فبعث أبو سعيد خمسين من سفنه في البحر فظفروا بأصحاب إسماعيل معهم الى الصلح ولم يقع منه وفاء به فسار أبو سعيد بنفسه في مائة سفينة وأرسى بفوهة نهر الأبلة ووافق دخول إسماعيل من واسط فتزاحفوا برّا وبحرا فلما رأى إسماعيل