ثم نرجع إلى الطبقة الرابعة من المغرب وهم المستعجمة ومن له ملك بدوي منهم بالمغرب والمشرق. ثم نخرج بعد ذكر ذلك الى ذكر البربر ودولهم بالمغرب لأنهم كانوا من شرط كتابنا. وهنالك نذكر برنامج دولهم والله سبحانه أعلم.
[الطبقة الاولى من العرب وهم العرب العاربة وذكر نسبهم والإمام بملكهم ودولهم على الجملة]
هذه الأمة أقدم الأمم من بعد قوم نوح، وأعظمهم قدرة، وأشدّهم قوة وآثارا في الأرض، وأول أجيال العرب من الخليقة فيما سمعناه. لأن أخبار القرون الماضية من قبلهم، يمتنع اطلاعنا عليها التطاول الأحقاب ودروسها إلا ما يقصه علينا الكتاب ويؤثر عن الأنبياء بوحي الله إليهم، وما سوى ذلك من الأخبار الأزلية فمنقطع الاسناد. ولذلك كان المعتمد عند الإثبات في أخبارهم، ما تنطق به آية القرآن في قصص الأنبياء الأقدمين، أو ما ينقله زعماء المفسرين في تفسيرها من أخبارهم وذكر دولهم وحروبهم ينقلون ذلك عن السلف من التابعين الذين أخذوا عن الصحابة أو سمعوه ممن هاجر إلى الإسلام من أحبار اليهود وعلمائهم أهل التوراة أقدم الصحف المنزلة فيما علمناه، وما سوى ذلك من حطام المفسرين وأساطير القصص وكتب بدء الخليقة فلا نعوّل على شيء منه. وإن وجد لمشاهير العلماء تأليف مثل كتاب الياقوتية للطبريّ، والبدء للكسائي، فإنما نحوا فيها منحى القصاص، وجروا على أساليبهم، ولم يلتزموا فيها الصحة، ولا ضمنوا لنا الوثوق بها فلا ينبغي التعويل عليها، وتترك وشأنها. وأخبار هذا الجيل من العرب وان لم يقع لها ذكر في التوراة، إلا أن بني إسرائيل من بين أهل الكتاب أقرب إليهم عصرا، وأوعى لأخبارهم، فلذلك يعتمد نقل المهاجرة منهم لأخبار هذا الجيل، ثم إن هذه الأمم على ما نقل كان لهم ملوك ودول.
فملوك جزيرة العرب وهي الأرض التي أحاط بها بحر الهند من جنوبها، وخليج الحبشة من غربها، وخليج فارس من شرقها، وفيها اليمن والحجاز والشحر وحضرموت، وامتد ملكهم فيها الى الشام ومصر في شعوب منهم على ما يذكر. ويقال: انهم انتقلوا إلى جزيرة العرب من بابل لما زاحمهم فيها بنو حام، فسكنوا جزيرة العرب بادية مخيمين، ثم كان لكل فرقة منهم ملوك وآطام وقصور حسبما نذكره، إلى أن