كان ابن الزبير في أوّل سنة سبع وستين أو آخر ست عزل الحرث بن ربيعة وهو القبّاع وولّى مكانه أخاه مصعبا فقدم البصرة وصعد المنبر وجاء الحرث فأجلسه مصعب تحته بدرجة ثم خطب وقرأ الآيات من أوّل القصص ونزل ولحق به أشراف الكوفة حتى قربوا من المختار، ودخل عليه شيث بن ربعي وهو ينادي وا غوثاه! ثم قدم محمد ابن الأشعث بعده واستوثقوه إلى المسير وبعث إلى المهلّب بن أبي صفرة وهو عامله على فارس ليحضر معه قتال المختار فأبطأ وأغفل فأرسل إليه محمد بن الأشعث بكتابه، فقال المهلب: ما وجد مصعب بريدا غيرك؟ فقال: ما أنا ببريد ولكن غلبنا عبيدنا على أبنائنا وحرمنا فأقبل معه المهلّب بالجموع والأموال وعسكر مصعب عند الجسر فأرسل عبد الرحمن بن مخنف إلى الكوفة سرّا ليثبط الناس عن المختار ويدعو إلى ابن الزبير وسار على التعبية وبعث في مقدمته عبّاد بن الحصين الحبطي التميمي وعلى ميمنته عمر بن عبيد الله بن معمر، وعلى ميسرته المهلّب وبلغ الخبر المختار فقام في أصحابه، وقرّبهم إلى الخروج مع ابن شميط وعسكر محمد في أعفر وبعث رءوس الأرباع الذين كانوا مع ابن الأشتر مع ابن شميط وأصحابه فثبتوا وحمل المهلّب من الميسرة على ابن كامل فثبت ثم كرّ المهلب وحمل حملة منكرة وصبر ابن كامل قليلا وانهزموا وحمل الناس جميعا على ابن شميط فانهزم وقتل واستمرّ القتل في الرجالة وبعث مصعب عبّادا فقتل كل أسير أخذه.
وتقدّم محمد بن الأشعث في خيل من أهل الكوفة فلم يدركوا منهزما إلّا قتلوه. ولما فرغ مصعب منهم أقبل فقطع الفرات من موضع واسط وحملوا الضعفاء وأثقالهم في السفن ثم خرجوا إلى نهر الفرات وسار إلى الكوفة. ولما بلغ المختار خبر الهزيمة ومن قتل من أصحابه وأنّ مصعبا أقبل إليه في البرّ والبحر سار إلى مجتمع الأنهار نهر الجزيرة والمسلحين والقادسية ونهر يسر فسكّر الفرات فذهب ماؤه في الأنهار. وبقيت سفن أهل البصرة في الطين فخرجوا إلى السكر وأزالوه وقصدوا الكوفة. وسار المختار ونزل حروراء بعد أن حصّن القصر وأدخل عدّة الحصار، وأقبل مصعب وعلى ميمنته المهلّب، وعلى ميسرته عمر بن عبيد الله، وعلى الخيل عبّاد بن الحصين، وجعل المختار على ميمنته سليم بن يزيد الكندي، وعلى ميسرته سعيد بن منقذ