للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصعدوا جبل ابن ثابت المطلّ عليها فاستباحوه. ثم مرّوا ببني باورار فاستباحوها وأضرموها، واكتسحوا سائر ما مرّوا عليه. وحدثت بينهم المناكرة حسدا ومنافسة، فافترقوا ولحقوا بالسلطان ولحق مسعود بن برهوم محاصرا لبجاية وبنى حصنا بأصفون لمقامه. وكان يسرّح الجيوش لقتالها فتجوّل في ساحتها، ثم تراجع إلى الحصن. ولم يزل كذلك حتى بلغه خبر خروج محمد بن يوسف فأجفل عنها على ما نذكره الآن فلم يرجعوا لحصارها إلا بعد مدّة والله تعالى أعلم.

[(الخبر عن خروج محمد بن يوسف ببلاد بني توجين وحروب السلطان معه)]

لما رجع محمد بن يوسف من قاصية الشرق كما قدّمناه، وسابقه إلى السلطان موسى بن علي الكرديّ، وجوانحه تلتهب غيظا وحقدا عليه. وسعى به عند السلطان فعزله عن مليانة، فوجم لها وسأله زيارة ابنه الأمير أبي تاشفين بتلمسان، وهو ابن أخته فأذن له. وأوعز إلى ابنه بالقبض عليه، فأبى من ذلك، وأراد هو الرجوع إلى معسكر السلطان فخلى سبيله. ولما وصل إليه تنكّر له وحجبه، فاستراب وملاء قلبه الرعب، وفرّ من المعسكر ولحق بالمرية [١] ، ونزل على يوسف بن حسن بن عزيز عاملها للسلطان من بني توجين. فيقال انه أوثقه اعتقالا حتى غلبه قومه على بغيته من الخروج معه، لما كان السلطان أبو حمو يوسقهم به من نزاعته، فأخذ له البيعة على قومه ومن إليهم من العرب. وزحفوا إلى السلطان بمعسكره من نهل، فلقيهم في عساكره، فكانت الدبرة على السلطان، ولحق بتلمسان وغلب محمد بن يوسف على بني توجين ومغراوة ونزل مليانة. وخرج السلطان من تلمسان لأيام من دخولها، وقد جمع الجموع وأزاح العلل وأوعز إلى مسعود بن برهوم بمكانه من حصار بجاية بالوصول إليه بالعساكر، ليأخذ بحجزتهم من ورائهم، وخرج محمد بن يوسف على مليانة لاعتراضه، واستعمل على مليانة يوسف بن حسن بن عزيز، فلقيه ببلاد مليكش وانهزم محمد بن يوسف. ولجأ إلى جبل مرصالة [٢] وحاصره بها مسعود بن


[١] وفي نسخة ثانية: بالمدية.
[٢] وفي نسخة ثانية: موصاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>