للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى جبل إيكجان وأنزله مدينة تاصروت من بلد زرارة، وقاتل من لم يتبعه بمن تبعه حتى استقاموا جميعا على طاعته. وبلغ خبره إبراهيم بن أحمد بن الأغلب عامل إفريقية بالقيروان، فأرسل إلى عامل ميلة يسأله عن أمره فحقّره وذكر أنه رجل يلبس الخشن، ويأمر بالعبادة والخير فأعرض عنه حتى إذا اجتمع لأبي عبد الله أمره، زحف في قبائل كتامة إلى بلد ميلة فملكها على الأمان بعد الحصار، فبعث إبراهيم بن أحمد بن الأغلب ابنه الأحوال في عسكرهم يجاوز عشرين ألفا، فهزم كتامة وامتنع أبو عبد الله بجبل إيكجان، وأحرق الأحول مدينة تاصروت ومدينة ميلة، وعاد إلى إفريقية، وبنى أبو عبد الله بجبل إيكجان [١] مدينة سمّاها دار الهجرة.

ثم توفي إبراهيم بن الأغلب صاحب إفريقية وولّى ابنه أبو العبّاس، وقتل واستقرّ الأمر لزيادة الله، وكان الأحول حمل العساكر لحضوره فاستقدمه زيادة الله وقتله.

[وفاة الحبيب وايصاؤه لابنه عبيد الله]

ولما توفي محمد الحبيب وأوصى لابنه عبيد الله، وقال له: أنت المهدي وتهاجر بعدي هجرة بعيدة، وترى محنا شديدة. فقام عبيد الله بالأمر وانتشرت دعوته وأرسل إليه أبو عبد الله الشيعيّ رجالا من كتامة يخبرونه بما فتح الله عليهم، وأنّهم في انتظاره.

وشاع خبره وطلبه المكتفي فهرب هو وولده نزار الّذي ولي بعده وتلقّب بالقائم.

وخرج معه خاصته ومواليه يريد المغرب. وانتهى إلى مصر وعليها يومئذ عيسى النوشريّ، فلبس عبيد الله زي التجّار يتستّر به. وجاء كتاب المكتفي للنوشري بالقبض عليه، وفيه صفته وحليته، فبعث العيون في طلبه. ونمي الخبر بذلك إلى عبيد الله من بعض خواص النوشريّ فخرج في رفقة، ورآه النوشريّ وأحضره ودعاه للمؤاكلة فاعتذر بالصوم، ثم امتحنه فلم تشهد له أحواله بشيء مما ذكر له عنه. وقارن ذلك رجوع ابنه أبي القاسم يسأل عن كلب للصيد ضاع له، فلمّا رآه النوشريّ وأخبر أنه ولد عبد الله علم أنّ هذه الدالة في طلب الضائع منافية للرقبة والخوف، فخلّى سبيله. وجدّ المهدي في السير وكان له كتب من الملاحم ورثها منقولة عن أبيه سرقت من رحله في تلك الطريق، ويقال إنّ ابنه أبا القاسم لما زحف إلى مصر أخذها من بلاد برقة. ولما انتهى المهدي وابنه إلى طرابلس وفارقه التجّار أهل الرفقة، قدّم أبا


[١] إنكجان: ابن الأثير ج ٨ ص ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>