وكان في أوّل المائة الرابعة ملك على الجلالقة أردون بن رذمير بن برمنذ بن قريولة بن اذفونش بن بيطر. وخرج سنة اثنتين وثلاثمائة إلى الثغر الجوفي لأوّل ولاية ولاية الناصر، وعاث في جهات ماردة، وأخذ حصن الحنش، وبعث الناصر وزيره أحمد بن عبدة في العساكر إلى بلاده فدوّخها، ثم أغزاه ثانية سنة خمس فنكث وقتل. ثم أغزى بدرا مولاه فدوّخ ورجع. ثم غزا بنفسه بلاد جليّقة سنة ثمان واستنصر أردون بشانجة بن غرسية ملك البشكنس وصاحب بنبولة فهزمهم الناصر، ووطئ بلادهم وخرّبها، وفتح حصونهم وهدمها وردّد الغزو بعد ذلك في بلد غرسية إلى أن هلك أدفونش وولي بعده ابنه فرويلة. قال ابن حيان لما ملك فرويلة بن أردون بن رذمير ملك الجلالقة سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة ملك أخوه أدفونش ونازعه أخوه شانجة واستقل غرسية بليون من قواعد ملكهم، وظاهر أدفونش على أمره ابن أخيه وهو أدفونش بن فرويلة، وصهره شانجة فانهزموا وافترقت كلمتهم. ثم اجتمعوا ثانية وخلعوا شانجة وأخرجوه عن مدينة ليون ففرّ إلى قاصية جليّقة، وولّى أخاه رذمير بن أردون على ملكه بغربي جلّيقة إلى قلنسرية. وهلك شانجة إثر ذلك ولم يعقب.
واستقل أدفونش وخرج على أخيه رذمير وملك مدينة سنت ماذكش. ثم أكثروا عليه العذل في نزوعه عن الرهبانية فرجع إلى رهبانيته. ثم خرج ثانيا وملك مدينة ليون وكان رذمير أخوه غازيا إلى سمورة فرجع إليه وحاصره بها حتى اقتحمها عليه عنوة سنة عشرين وثلاثمائة فحسبه، ثم سمله في جماعة من ولد أبيه أردون خافهم على أمره.
وكان غرسية بن شانجة ملك البشكنس لما هلك قام بأمرهم بعده أخته طوطة وكفلت ولده. ثم انتقضت سنة خمس وعشرين فغزا الناصر بلادها وخرّب نواحي بليونة وردّد عليها الغزوات. وفي أثناء هذه الغزوات نازل محمد بن هشام التجيبي سرقسطة حتى أطاع كما مرّ، وكذا أمية بن إسحاق في تسترين، وكان الناصر سنة اثنتين وعشرين قد غزا إلى وخشمة، واستدعى محمد بن هشام من سرقسطة فامتنع ورجع إليه، وافتتح حصونه وأخذ أخاه يحيى من حصن روطة. ثم رحل إلى ينبلونة فجاءته طوطة بنت أنثير بطاعتها وعقد لابنها غرسية بن شانجة على ينبلونة. ثم عدل إلى البلة