في الخارج، قضوا بأنّ المنطق غير مناف للعقائد الإيمانيّة، وإن كان منافيا لبعض أدلّتها، بل قد يستدلّون على إبطال كثير من تلك المقدّمات الكلاميّة، كنفي الجوهر الفرد والخلاء وبقاء الأعراض وغيرها، ويستبدلون من أدلّة المتكلّمين على العقائد بأدلّة أخرى يصحّحونها بالنظر والقياس العقليّ. ولم يقدح ذلك عندهم في العقائد السنيّة بوجه. وهذا رأي الإمام والغزاليّ وتابعهما لهذا العهد، فتأمّل ذلك واعرف مدارك العلماء ومآخذهم فيما يذهبون إليه. والله الهادي والموفّق للصواب.
[الفصل الرابع والعشرون في الطبيعيات]
وهو علم يبحث عن الجسم من جهة ما يلحقه من الحركة والسّكون فينظر في الأجسام السّماويّة والعنصريّة وما يتولّد عنها من حيوان وإنسان ونبات ومعدن وما يتكوّن في الأرض من العيون والزّلازل وفي الجوّ من السّحاب والبخار والرّعد والبرق والصّواعق وغير ذلك. وفي مبدإ الحركة للأجسام وهو النفس على تنوّعها في الإنسان والحيوان والنّبات. وكتب أرسطو فيه موجودة بين أيدي النّاس ترجمت مع ما ترجم من علوم الفلسفة أيّام المأمون وألّف النّاس على حذوها مستتبعين لها بالبيان والشرح وأوعب من ألّف في ذلك ابن سينا في كتاب الشّفاء جمع فيه العلوم السّبعة للفلاسفة كما قدّمنا ثمّ لخّصه في كتاب النّجا وفي كتاب الإشارات وكأنّه يخالف أرسطو في الكثير من مسائلها ويقول برأيه فيها. وأمّا ابن رشد فلخّص كتب أرسطو وشرحها متّبعا له غير مخالف. وألّف النّاس في ذلك كثيرا لكنّ هذه هي المشهورة لهذا العهد والمعتبرة في الصّناعة. ولأهل المشرق عناية بكتاب الإشارات لابن سينا وللإمام ابن الخطيب عليه شرح حسن وكذا الآمديّ وشرحه