للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحسن بن خلدون، فخرج إليها سنة تسع وستين وستمائة وقام بأمرها، ولم يزل أميرا بها إلى آخر دولته كما نذكر والله أعلم.

[(الخبر عن ثورة ابن الوزير بقسنطينة ومقتله)]

اسم هذا الرجل أبو بكر بن موسى بن عيسى، ونسبته في كوميه من بيوت الموحدين.

كان مستخدما لابن كلداسن الوالي بقسنطينة بعد ابن النعمان من مشيخة الموحدين أيام المستنصر. ووفد ابن كلداسن على الحضرة، وأقام ابن وزير نائبا عنه بقسنطينة، فكان له غناء وصداقة [١] . وولاه السلطان أبو إسحاق حافظا على قسنطينة. واتصلت ولايته، وهلك المستنصر واضطربت الأحوال. ثم ولّاه الواثق، ثم السلطان أبو إسحاق وكان ابن وزير هذا طموحا جموعا لأموال [٢] الناس لا يمل.

وعلم أن قسنطينة معقل ذلك القطر وحصنه فحدّثته نفسه بالامتناع بها، والاستبداد على الدولة. وساء أثره في أهلها فرفعوا أمرهم إلى السلطان أبي إسحاق، واستعدوه فلم يعدهم لما رأى من مخايل الحرابة من الطاغية [٣] . وكتب هو بالاعتذار والنكير لما جاء به، فتقبّله وأغضى له عن هناته. ولما مرّ به الأمير أبو فارس إلى محل إمارته من بجاية سنة تسع وسبعين وستمائة قعد عن لقائه وأوفد إليه جمعا من الصلحاء بالمعاذير والاستعطاف، فمنحه من ذلك كفاء مرضاته، حتى إذا أبعد الأمير أبو فارس إلى بجاية، اعتزم على الانتزاء. وكاتب ملك أرغون في جيش من النصارى يكون معهم في ثغره يردّد بهم الغزو على أن يكون فيما زعموا داعية له فأجابه ووعده ببعث الأسطول إليه، فجاهر بالخلعان، وانتزى بثغر. قسنطينة داعيا لنفسه آخر سنة ثمانين وستمائة.

وزحف إليه الأمير أبو فارس من بجاية في عساكره، واحتشد الأعراب وفرسان


[١] وفي نسخة ثانية: فكان له غنا وصرامة.
[٢] وفي نسخة ثانية: طموحا جموح الأمل.
[٣] وفي نسخة ثانية: من مخايل انحرافه عن الطاعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>