عليه، وجعلوا الأبدال كالنقباء مبالغة في التشبيه فتأمّل ذلك.
يشهد لذلك من كلام هؤلاء المتصوّفة في أمر الفاطميّ وما شحنوا كتبهم في ذلك ممّا ليس لسلف المتصوّفة فيه كلام بنفي أو إثبات وإنّما هو مأخوذ من كلام الشّيعة والرّافضة ومذاهبهم في كتبهم. والله يهدي إلى الحقّ.
[تذييل:]
وقد رأيت أن أجلب هنا فصلا من كلام شيخنا العارف كبير الأولياء بالأندلس، أبي مهدي عيسى بن الزيّات كان يقع له أكثر الأوقات على أبيات الهرويّ الّتي وقعت له في كتاب المقامات توهم القول بالوحدة المطلقة أو يكاد يصرّح بها وهي قوله:
ما وحّد الواحد من واحد ... إذ كلّ من وحّده جاحد
توحيد من ينطق عن نعته ... تثنية أبطلها الواحد
توحيده إيّاه توحيده ... ونعت من ينعته لأحد
فيقول رحمه الله على سبيل العذر عنه:«استشكل النّاس إطلاق لفظ الجمود على كلّ من وحّد الواحد ولفظ الإلحاد على من نعته ووصفه. واستبشعوا هذه الأبيات وحملوا قائلها على الكفر واستخفّوه. ونحن نقول على رأي هذه الطائفة أنّ معنى التوحيد عندهم انتفاء عين الحدوث بثبوت عين القدم وأنّ الوجود كلّه حقيقة واحدة وانية واحدة. وقد قال أبو سعيد الجزّار من كبار القوم: الحقّ عين ما ظهر وعين ما بطن. ويرون أنّ وقوع التعدّد في تلك الحقيقة وجود الاثنينيّة.
وهم باعتبار حضرات الحسّ بمنزلة صور الضلال والصدا والمرأى. وأنّ كلّ ما سوى عين القدم، إذا استتبع فهو عدم. وهذا معنى: كان الله، ولا شيء معه، وهو الآن على ما هو عليه كان عندهم. ومعنى قول كبير الّذي صدّقه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في قوله: «ألا كلّ شيء، ما خلا الله باطل» . قالوا: فمن وحّد ونعت، فقد قال بموجد محدث، هو نفسه، وتوحيد محدث هو فعله، موجود قديم، هو معبود.