الى بخارى هرب يعقوب الى فرغانة ولحق بولايته وجاء بعسكره مستأمنين الى السلطان فلقوه بالطواويس من قرى بخارى ووصل السلطان الى سمرقند وولى عليها الأمير انز [١] وأرسل العساكر في طلب يعقوب وأرسل الى ملك كاشغر بالجدّ في طلبه وشعب على يعقوب عساكره ونهبوا خزائنه ودخل على أخيه كاشغر مستجيرا به وبعث السلطان في طلبه منه فتردّد بين المخافة والأنفة ثم غلب عليه الخوف فقبض على أخيه يعقوب وبعثه مع ابنه وأصحابه الى السلطان وأمرهم أن يسملوه في طريقه فان قنع السلطان بذلك والا أسلموه اليه فلما قربوا على السلطان وعزموا على تسليمه بلغهم الخبر بأن طغرل بن نيال أسرى من ثمانين فرسخا بعساكر لا تحصى فكبس ملك كاشغر وأسره فأطلقوا يعقوب ثم خشي السلطان شأن طغرل بن نيال وكثرة عساكره فرجع على البلد ودس تاج الملك في استصلاح يعقوب فشفع له وردّ الى كاشغر وردّ الطغرل ورجع هو الى خراسان ثم قدم الى بغداد سنة أربع وثمانين العزمة الثانية ووجد عليه أخوه تاج الدولة تتش صاحب الشام وقسيم الدولة آق سنقر صاحب حلب وبوران صاحب الرها وعمال الأطراف وأقام صنيع الميلاد ببغداد وتأنق بما لم يعهد مثله وأمر وزيره نظام الملك وأمراءه ببناء الدور ببغداد لنزلهم ورجع الى أصبهان.
[(استيلاء تتش على حمص وغيرها من سواحل الشام)]
لما قدم السلطان سنة أربع وثمانين وفد عليه أمراء الشام كما قدّمنا فلما انصرفوا من عنده أمر أخاه تاج الدولة تتش أن يذهب دولة العلويين من ساحل الشام ويفتح بلادهم وأمر آق سنقر وبوران أن يسيرا لانجاده فلما رجعوا الى دمشق سار الى حمص وبها صاحبها ابن ملاعب وقد عظم ضرره وضرر ولده على الناس فحاصرها وملكها ثم سار الى قلعة عرفة فملكها عنوة ثم الى قلعة افامية فاستأمن اليه خادم كان بها فأرسل الى أمراء تتش في إصلاح حاله فسدّوا عليه المذاهب فأرسل الى وزير آقسنقر يسعى له عند صاحبه وعمل له على ثلاثين ألف دينار ومثلها عروضا فجنح الى مصالحته واختلف مع تتش على ذلك وأغلظ كل منهما لصاحبه في القول فرحل آق سنقر مغاضبا واضطرّ الباقون الى الرحيل وانتقض أمرهم.
[١] انز: ورد اسمه آنر في كتاب العلاقات الاجتماعية (للدكتور زكي النقاش) ص ٤٠. وفي الكامل ج ١٠ ص ٢١٤ أنر.