بهاء الدولة في جمع كبير وجلس على كرسيّه، وأهوى بعض الديلم إلى يد الطائع ليقبّلها، ثم جذبه عن سريره. وهو يستغيث ويقول إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، ٢: ١٥٦ واستصفيت خزائن دار الخلافة فمشى بها الحال أياما ونهب الناس بعضهم بعضا. ثم أشهد على الطائع بالخلع ونصّبوا للخلافة عمّه القادر أبا العبّاس أحمد المقتدر، استدعوه من البطيحة وكان فرّ إليها أمام الطائع كما تقدّم في أخبار الخلفاء. وهذا كلّه سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.
(رجوع الموصل الى بهاء الدولة)
كان أبو الرواد محمد بن المسيب أمير بني عقيل قتل أبا طاهر بن حمدان آخر ملوك بني حمدان بالموصل وغلب عليها، وأقام بها طاعة معروفة لبهاء الدولة، وذلك سنة ثمانين وثلاثمائة كما مرّ في أخبار بني حمدان وبني المسيب. ثم بعث بهاء الدولة أبا جعفر الحجّاج بن هرمز من قوّاد الديلم في عسكر كبير إلى الموصل فملكها آخر إحدى وثمانين فاجتمعت عقيل مع أبي الرواد على حربه وجرت بينهم عدّة وقائع، وحسن فيها بلاء أبي جعفر بالقبض عليه، فخشي اختلاف أمره هناك وراجع في أمره، وكان بإغراء ابن المعلّم وسعايته. ولما شعر الوزير بذلك صالح أبا الروّاد وأخذ رهنه، وأعاده الى بغداد فوجد بهاء الدولة قد نكب ابن المعلم.
[(أخبار ابن المعلم)]
هو أبو الحسن بن المعلم قد غلب على هوى بهاء الدولة وتحكّم في دولته، وصدر كثير من عظائم الأمور بإشارته، فمنها نكبة أبي الحسن محمد بن عمر العلويّ، وكان قد عظم شأنه مع مشرف الدولة وكثرت أملاكه. فلما ولي بهاء الدولة سعى به عنده وأطمعه في ماله، فقبض عليه واستصفى سائر أملاكه، ثم حمله على نكبة وزيره