[(وفاة جلال الدولة سلطان بغداد وولاية أبي كاليجار)]
ثم توفي جلال الدولة ببغداد في شعبان سنة خمس وثلاثين وأربعمائة لسبع عشرة سنة من ملكه، وقد كان بلغ في الضعف وشغب الجند عليه واستبداد الأمراء والنوّاب فوق الغاية. ولما توفي انخذل الوزير كمال الملك عبد الرحيم وأصحاب السلطان الأكابر إلى حريم دار الخلافة خوفا من الأتراك والعامّة، واجتمع قوّاد العسكر فمنعوهم من النهب، وكان ابنه الأكبر الملك العزيز أبو منصور بواسط فكاتبه الجند بالطاعة، وشرطوا عليه تعجيل حق البيعة فأبطأ عنهم، وبادر أبو كاليجار صاحب الأهواز فكاتبهم ورغّبهم في المال وتعجيله فعدلوا عن الملك العزيز إليه. وأصعد بعد ذلك من الأهواز فلما انتهى إلى النعمانيّة غدر به أصحابه فرجع إلى واسط، وخطب الجند ببغداد لأبي كاليجار. وسار العزيز إلى دبيس بن مزيد، ثم الى قرواش بن المقلّد بالموصل. ثم فارقه إلى أبي الشوك لصهر بينهما فغدر به. وألزمه على طلاق بنته، فسار إلى إبراهيم نيال أخي طغرلبك، ثم قدم بغداد مختفيا يروم الثورة بقتل [١] بعض أصحابه ففرّ ولحق بنصير الدولة بن مروان فتوفي عنده بميافارقين، وقدم أبو كاليجار بغداد في صفر سنة ست وثلاثين وأربعمائة، وخطب له بها واستقر سلطانه فيها بعد أن بعث بأموال فرّقت على الجند ببغداد وبعشرة آلاف دينار وهدايا كثيرة للخليفة، وخطب له فيها أبو الشوك ودبيس بن مزيد كل بأعماله، ولقبه الخليفة بمحيي الدولة، وجاء في قلّ من عساكره خوفا أن يستريب به الأتراك فدخل بغداد في شهر رمضان ومعه وزيره أبو السعادات أبو الفرج محمد بن جعفر بن فسانجس، واستعفى القائم من الركوب للقائه، وتقدّم بإخراج عمّيه من بغداد، فمضيا إلى تكريت وخلع على أصحاب الجيوش وهم البساسيري والساري والهمّام أبو اللقاء وثبت قدمه في الملك.
[١] مقتضى السياق: وقدم بغداد متخفّيا يروم الثورة فقتل بعض أصحابه.