للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأشتر إلى البصرة ليدعو له، فسار من هنالك إلى عمر بن حفص وكان يتشيّع فأهدى له خيلا ليتمكن بها من لقائه. ثم دعاه فأجاب وبايع له وأنزله عنده مختفيا ودعا القوّاد وأهل البلد فأجابوا فمزق الأعلام وهيأ لبسة من البياض يخطب فيها، وهو في ذلك إذ فجأه الخبر بقتل المهدي فدخل على ابنه أشتر وعزّاه فقال له: الله في دمي فأشار عليه باللحاق بملك من ملوك السّند عظيم المملكة، كان يعظّم جهة النّبي صلى الله عليه وسلم، وكان معروفا بالوفاء، فأرسل إليه بعد أن عاهده عليه، واستقر عند ذلك الملك. وتسلّل إليه جماعة من الزيدية نحوا من أربعمائة، وبلغ ذلك المنصور فغاظه وكتب إلى عمر بن حفص بعزله وأقام يفكر فيمن يوليه السّند، وعرض له يوما هشام بن عمر الثعلبي [١] وهو راكب ثم اتبعه إلى بيته وعرض عليه أخته، فقال للربيع: لو كانت لي حاجة في النكاح لقبلت، فجزاك الله خيرا، وقد ولّيتك السّند فتجهّز لها وأمره أن يحارب ملك السّند ويسلّم إليه الأشتر ففعل، وأقام المنصور يستحثّه. ثم خرجت خارجة بالسّند فبعث هشام أخاه سفيحا لحسم الداء عنها، فمر بنواحي ذلك الملك فوجد الأشتر يتنزه في شاطئ همذان في عشرة من الفرسان فجاء ليأخذه فقاتلهم حتى قتل وقتل أصحابه جميعا. وكتب هشام بذلك إلى المنصور فشكره وأمر بمحاربة ذلك الملك فظفر به وغلب على مملكته، وبعث بسراري عبد الله الأشتر ومعه ولد منه اسمه عبد الله بعث بهم المنصور إلى المدينة وأسلمه إلى أهله ولما ولّى هشام بن عمر على السّند وعزل عمر بن حفص عنها ثم حدثت فتق بإفريقية بعثه إلى سدّه كما سيأتي في أخبارها.

[بناء الرصافة للمهدي]

ولما رجع المهدي من خراسان قدم عليه أهل بيته من الشام والكوفة والبصرة فأجازهم وكساهم وجملهم وكذلك المنصور. ثم شعب عليهم الجند فأشار عليهم قثم بن العبّاس بن عبيد الله بن العبّاس بأن يفرّق بينهم ويستكفيه في ذلك، وأمر بعض غلمانه أن يعترضه بدار الخلافة ويسأله بحق الله ورسله والعبّاس وأمير المؤمنين أبي الحسين من أشرف اليمن أم مضر؟ فقال: مضر كان منها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيها كتاب الله وعندها بيت الله ومنها خليفة الله فغضب اليمن إذ لم يذكر لها


[١] هشام بن عمر الثعلبي: ابن الأثير ج ٥ ص ٥٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>