للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متهنئا [١] من الزيارة، فلما سمع النعي فرّ من ليلته، وتقبّض عليه أولاد منديل من الكعوب وردّوه إلى الحضرة فاعتقل بها. وقام أبوه محمد بن تافراكين بخطة الحجابة كما كان وزيادة تفويض واستبداد إلّا أن بطانة السلطان كانوا يكثرون السعاية فيه ويوغرون صدره عليه يذكرون منافساته ومناقشة سابقة بين الحاجب والأمير أيام أبيه، واتصل ذلك منهم غصا لمكانه، وأنذر الحاجب بذلك منهم فأعمل الحيلة في الخلاص من صحابتهم كما يذكر بعد أهـ، والله تعالى أعلم.

(الخبر عن زحف الأمير أبي العباس وليّ العهد من مكان إمارته بالجريد الى الحضرة وما كان من مقتله ومقتل أخويه الأميرين أبي فارس عزوز وأبي البقاء خالد)

كان السلطان أبو بكر قد عهد إلى ابنه الأمير أبي العبّاس صاحب أعمال الجريد كما ذكرناه سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، فلمّا بلغه خبر مهلك أبيه وما كان من بيعة أخيه، حقد على أهل الحضرة ما جاءوا به من نقض عهده. ودعا العرب إلى مظاهرة أمره، فأجابوه ونزعوا جميعا إلى طاعته عن طاعة أخيه بما كان مرهفا لحده في الاستبداد والضرب على أيدي أهل الدولة من العرب وسواهم. وزحف إلى الحضرة ولقيه أخوه أبو فارس صاحب عمل سوسة لقيه بالقيروان فآتاه طاعته وصار في جملته، وجمع السلطان أبو حفص عمر جموعه واستركب واستلحق وأزاح العلل، وخرج غرّه شعبان وارتحل عن تونس، وحاجبه أبو محمد بن تافراكين قد أنذر منه بالهلكة، واعتمل في أسباب النجاة، حتى إذا تراءى الجمعان رجع الحاجب إلى تونس في بعض الشغل وركب الليل ناجيا إلى المغرب. وبلغ خبر مفرّة إلى السلطان فأجفل واختلّ مصادفه، وتحيّز إلى باجة فتلوم بها وتخلّف عنه أهل المعسكر فلحقوا بالأمير أبي العباس، وملك الحضرة ثامن رمضان ونزل برياض رأس الطابية وأطلق أخاه أبا البقاء من معتقله.

ثم دخل إلى قصره لسبع ليال من ملكه وصبحه الأمير أبو حفص في ثامنها فاقتحم


[١] وفي نسخة أخرى: متمليا.

<<  <  ج: ص:  >  >>