والعرب، فأحسن دفاعهم وانفضّت جموعهم ورحلهم إلى ناحية الشرق، وهو في اتباعهم إلى أن نزلوا المسيلة من وطن رياح، وصاروا في جوار الزواودة. ثم نزل بالوزير عبد الله بن مسلم داء الطاعون الّذي عاود أهل العمران عامئذ من بعد ما أهلكهم سنة تسع وأربعين وسبعمائة قبلها، فانكفأ به ولده وعشيرته راجعين، وهلك في طريقه وأرسلوا شلوه إلى تلمسان فدفن بها. وخرج السلطان أبو حمو إلى مدافعة عدوّه وقد فتّ مهلك عبد الله في عضده. ولما انتهى إلى البطحاء وعسكر بها، ناجزته جموع السلطان أبي زيان الحرب وأطلت راياته على المعسكر فداخلهم الرعب وانفضوا، وأعجلهم الأمر عن أبنيتهم وأزوادهم، فتركوها وانفضّوا وتسلّل أبو حمو يبغي النجاة إلى تلمسان واضطرب أبو زيّان فسطاطه بمكان معسكره، وسابقه أحمد بن رحّو أمير المعقل إلى منجاته فلحقه بسيك وكرّ إليه السلطان أبو حمّو فيمن معه من خاصّته، وصدقوه الدفاع فكبا به فرسه وقطع رأسه. ولحق السلطان أبو حمو بحضرته وارتحل أبو زيان والعرب في اتباعه إلى أن نازلوه بتلمسان أياما. وحدثت المنافسة بين أهل المعقل وزغبة، واسف زغبة استبداد المعقل عليهم وانفراد أولاد حسين برأي السلطان دونهم، فاغتنمها أبو حمّو وأطلق أميرهم عامر بن خالد من محبسه، وأخذ عليه الموثق من الله ليخذلنّ الناس عنه ما استطاع، وليرجعنّ بقومه عن طاعة أبي زيّان وليفرقنّ جموعه، فوفّى له بذلك العهد ونفس عليه المخنق وتفرّقت أحزابهم ورجع أبو زيّان إلى مكانه من إيالة بني مرين واستقام أمر السلطان أبي حمّو وصلحت دولته بعد الالتياث، إلى أن كان من أمره ما نذكره إن شاء الله تعالى.
[(الخبر عن حركة السلطان أبي حمو على ثغور المغرب)]
كان ونزمار بن عريف متولي كبر هذه الفتن على أبي حمو، وبعث الأعياص عليه واحدا بعد واحد، لما كان بينهم من العداوة المتصلة كما قدّمناه. وكان منزله كرسيف من ثغور المغرب. وكان جاره محمد بن زكراز [١] كبير بني علي من بني ونكاسن