للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على فرسخين من العدوّ فأخبره بعض الدهاقين بقتل الرهائن وميعادهم غدا. وقال أصحابي ثلاثمائة مقاتل وهم معكم فبعث المسيب إلى القصر رجلين عجميّا وعربيّا يأتيانه بالخبر، فجاءوا في ليلة مظلمة وقد أجرت الترك الماء بدائر القصر لئلا يصل إليه أحد فصاح بهما فقالا له اسكت وادع لنا فلانا. فأعلماه قرب العسكر وسألا هل عندكم امتناع غدا؟ فقال: لهما نحن مستميتون. فرجعا إلى المسيب فأخبراه فعزم على تبييت الترك وبايعه أصحابه على الموت وساروا يومهم إلى الليل. ولما أمسى حثّهم على الصبر وقال: ليكن شعاركم يا محمد ولا تتبعوا موليّا واعقروا الدواب فإنه أشدّ عليهم، وليست بكم قلّة فإنّ سبعمائة سيف لا يضرب بها في عسكر إلا أوهنته، وان كثر أهله. ثم دنوا من العسكر في السحر وثار الترك وخالطهم المسلمون وعقروا الدواب وترجّل المسيب في أصحاب له فقاتلوا قتالا شديدا وقتل عظيم من عظماء الترك فانهزموا ونادى منادي المسيب لا تتبعوهم واقصدوا القصر واحملوا من فيه، ولا تحملوا من متاعهم إلّا المال ومن حمل امرأة أو صبيا أو ضعيفا حسبة فأجره على الله وإلا فله أربعون درهما. وحملوا من في القصر إلى سمرقند ورجع الترك من الغد فلم يروا في القصر أحدا. ورأوا قتلاهم فقالوا: لم يكن الذين جاءونا بالأمس.

[غزو الصغد]

ولما كان من انتقاض الصغد إعانتهم الترك على المسلمين ما ذكرنا تجهّز سعيد لغزوهم وعبر النهر فلقيه الترك وطائفة من الصغد فهزمهم المسلمون. ونهاهم سعيد عن اتباعهم وقال هم جباية أمير المؤمنين فانكفوا عنهم. ثم سار المسلمون إلى واد بينهم وبين المرج فقطعه بعض العسكر وقد أكمن لهم الترك فخرجوا عليهم وانهزم المسلمون إلى الوادي وقيل بل كان المنهزمون مسلحة للمسلمين وكان فيمن قتل شعبة بن ظهر [١] في خمسين رجلا. وجاء الأمير والناس فانهزم العدوّ وكان سعيد إذا بعث سرية فأصابوا وغنموا وسبوا ردّ السبي وعاقب السرية فثقل سعيد على الناس وضعفوه ولما رجع من هذه الغزاة وكان سورة بن الأبجر قد قال لحيّان النبطيّ يوم أمر سعيد بالكف عن الصغد وأنهم جباية أمير المؤمنين [٢] فقال: سورة ارجع عنهم يا حيّان فقال: عقيرة


[١] وقد مرّ اسمه في السابق بن ظهير.
[٢] قوله جباية أمير المؤمنين معناه: أنه يأخذ منهم المال، ففي استئصالهم ضياع له انتهى. من خط الشيخ العطار.

<<  <  ج: ص:  >  >>