على الناس بالقيروان. وكتب إليه بذلك فقدم أبو العبّاس عبد الله في صفر سنة سبع وتسعين، ولم يرع حق أخيه فيما فعله. وكان ينتقصه ولم يكن في أيامه فتنة بما مهّد له أبوه الأمر. وكان جائرا حتى قيل: إن مهلكه كان بدعوة حفص بن حميد من الأولياء الصالحين من أهل حمّود ومهريك، وفد عليه في جماعة من الصالحين يشكو ظلامة. فلم يصغ إليهم فخرج حفص يدعو عليه، وهم يؤمنون فأصابته قرحة في أذنه عن قريب هلك منها في ذي الحجّة سنة إحدى ومائتين لخمس سنين من ولايته.
[(أخوه زيادة الله)]
ولما توفي أبو العباس ولي مكانه أخوه زيادة الله، وجاءه التقليد من قبل المأمون، وكتب إليه يأمره بالدعاء لعبد الله بن طاهر على منابره فغضب من ذلك، وبعث مع الرسول بدنانير من سكة الأدارسة يعرض له بتحويل الدعوة. ثم استأذنه قرابته في الحج وهم أخوه الأغلب وأبناء أخيه أبي العباس محمد وأبو محمد بهر وإبراهيم أبو الأغلب، فأذن لهم وانطلقوا لقضاء فرضهم فقضوه، وأقاموا بمصر حتى وقعت بين زيادة الله وبين الجند الحروب فاستقدمهم، واستوزر أخاه الأغلب وهاجت الفتن.
واستولى كل رئيس بناحية فملكوها عليه كلها وزحفوا إلى القيروان فحصروه، وكان فاتحة الخلاف زياد بن سهل بن الصقلية، خرج سنة سبع ومائتين وجمع وحاصر مدينة باجة فسرح إليه العساكر فهزموه وقتلوا أصحابه. ثم انتقض منصور الترمذي بطبنة، وسار إلى تونس فملكها وكان العامل عليها إسماعيل بن سفيان، وسفيان أخو الأغلب فقتله لتستخلص له طاعة الجند. وسرح زيادة الله العساكر من القيروان مع غلبون ابن عمه ووزيره اسمه الأغلب بن عبد الله بن الأغلب وتهددهم بالقتل إن انهزموا فهزمهم منصور، وخشوا على أنفسهم ففارقوا الوزير غلبون، وافترقوا على إفريقية، واستولوا على باجة والجزيرة وصطفورة والأربس وغيرها. واضطربت إفريقية، ثم اجتمعوا إلى منصور، وسار بهم إلى القيروان فملكها، وحاصره في العباسية أربعين يوما، وعمروا سور القيروان الّذي خربه إبراهيم بن الأغلب. ثم خرج إليه زيادة الله فقاتله فهزمه، ولحق بتونس وخرب زيادة الله سور القيروان.