الوظائف من وزير وكاتب وقاض ومحتسب وعلى مشاهير العلم والفتيا والصوفية وانتظمت الدولة أحسن انتظام وسرّ الناس بدخولهم في ايالة السلطان يقدر للأمور قدرها ويحكم أو أخيها واستأذنه الطنبقا الجوباني أمير مجلس في الحج تلك السنة وأذن له فانطلق لقضاء فرضه وعاد انتهى والله تعالى أعلم.
[مقتل قرط وخلع الخليفة ونصب ابن عمه الواثق للخلافة]
كان قرط بن عمر من التركمان المستخدمين في الدولة وكان له أقدام وصرامة رقابهما إلى محل من مرادفة الأمراء في وجوههم ومذاهبهم ودفع إلى ولاية الصعيد ومحاربة أولاد الكنز من العرب الجائلين في نواحي أسوان فكان له في ذلك غناء وأحسن في تشريدهم عن تلك الناحية ثم بعث إلى البحيرة واليا عند انتقاض بدر بن سلام وفراره ومرجع العساكر من تمهيدها فقام بولايتها وتتبع آثار أولئك المنافقين وحسم عللهم وحضر في ثورة انيال فجلا في ذلك اليوم لشهامته واقدامه وكان هو المتولي تسوّر الحائط وإحراق الباب الظهراني الّذي ولجوا عليه وامسكوه فكان يمت بهذه الوسائل اجمع والسلطان يرعى له الا انه كان ظلوما غشوما فكثرت شكايات الرعايا والمتظلمين به فتقبض عليه لأوّل بيعته وأودعه السجن ثم عفا عنه وأطلقه وبقي مباكرا باب السلطان مع الخواص والأولياء وطوى على الغث وتربص بالدولة ونمي عنه أنه فاوض الخليفة المتوكل بن المعتضد في الانتقاض والاجلاب على الدولة بالعرب المخالفين بنواحي برقة من أهل البحيرة وأصحاب بدر بن سلام وأن يفوّض الخليفة الأمر إلى سوى هذا السلطان القائم بالدولة وانه داخل في ذلك بعض ضعفاء العقول من أمراء الترك ممن لا يؤبه له فأحضرهم من غداته وعرض عليهم الحديث فوجموا وتناكروا وأقر بعضهم واعتقل الخليفة بالقلعة وأخرج قرط هذا لوقته فطيف به على الجمل مسمرا ابلاغا في عقابه ثم سيق إلى مصرعه خارج البلد وقدّ بالسيف نصفين وضم الباقون إلى السجون وولى السلطان الخلافة عمر بن إبراهيم الواثق من أقاربه وهو الّذي كان الملك الناصر ولى أباه إبراهيم بعد الخليفة أبي الربيع وعزل عن ابنه أحمد كما مرّ وكان هذا كله في ربيع سنة خمس وثمانين وولى مكانه أخوه زكريا ولقب المعتصم واستقرّت الأحوال إلى أن كان ما نذكره أن شاء الله تعالى.