للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بأيديهم فقال: أمّا هذه فسنكفيكم منها. فأسلموا وكتب لهم وأمّر عليهم عثمان بن أبي العاص أصغرهم سنا لأنه كان حريصا على الفقه وتعلم القرآن. ثم رجعوا إلى بلادهم، وخرج معه أبو سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة لهدم اللات، وتأخر أبو سفيان حتى دخل المغيرة فتناولها بيده ليهدمها، وقام بنو معتب [١] دونه خشية عليه.

ثم جاء أبو سفيان وجمع ما كان لها من الحليّ وقضى منه دين عروة والأسود ابني مسعود كما أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم وقسّم الباقي.

[الوفود]

ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك وأسلمت ثقيف ضربت إليه وفود العرب من كل وجه حتى لقد سميت سنة الوفود. قال ابن إسحاق: وإنما كانت العرب تتربص بالإسلام أمر هذا الحي من قريش وأمر النبيّ صلى الله عليه وسلم، وذلك أنّ قريشا كانوا إمام الناس وهاديهم وأهل البيت والحرم وصريح ولد إسماعيل وقادتهم لا ينكرون لهم، وكانت قريش هي التي نصبت لحربه وخلافه. فلمّا استفتحت مكة ودانت قريش ودخلها الإسلام عرفت العرب أنهم لا طاقة لهم بحربة وعداوته، فدخلوا في دينه أفواجا يضربون إليه من كل وجه انتهى.

فأوّل من قدم إليه بعد تبوك وفد بني تميم وفيه من رءوسهم: عطارد بن حاجب بن زرارة بن عدس من بني دارم بن مالك، والحتات بن زيد [٢] ، والأقرع بن حابس، والزّبرقان بن بدر من بني سعد، وقيس بن عاصم، وعمرو بن الأهتم وهما من بني منقر، ونعيم بن زيد ومعهم عيينة بن حصن الفزاريّ. وقد كان الأقرع وعيينة شهدا فتح مكة وخيبر وحصار الطائف، ثم جاءا مع وفد بني تميم، فلمّا دخلوا المسجد نادوا من وراء الحجرات فنزلت الآيات في إنكار ذلك عليهم. ولمّا خرج قالوا جئنا نفاخرك بخطيبنا وشاعرنا فأذن لهم، فخطب عطار وفاخر ويقال والأقرع بن حابس، ثم أنشد الزبرقان بن بدر شعرا بالمفاخرة، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابت بن قيس بن الشماس من بني الحرث بن الخزرج فخطب وحسّان بن ثابت فأنشد مساجلين لهم، فأذعنوا للخطبة والشعر والسؤدد والحلم، وقالوا: هذا


[١] وفي النسخة الباريسية: بنو مغيث.
[٢] وفي نسخة اخرى: الحباب بن يزيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>