للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعهم بنو ثعلب، وبعث علي ومحمد إليهم بالمدد فقتلوا جماعة من بني شامة وأسروا منهم، ومن بني ثعلب، فجاء أحمد بن عمر بن الخطّاب الثعلبي إلى عليّ فوادعه وسكنت الفتنة. ثم إنّ عليّ بن الحسين سطا بمن كان في الموصل من الأزد عسفا في الحكم عليهم، وقال لهم يوما: ألحقوا بعمان. فاجتمعت الأزد إلى السيد بن أنس كبيرهم وقاتلوه. وكان في تلك النواحي مهدي بن علوان من الخوارج فادخله عليّ ابن الحسين وبايعه وصلّى بالناس، واشتدّت الحرب. ثم كانت اصرا [١] على عليّ وأصحابه وأخرجهم الأزد عن البلد إلى الحديثة ثم اتبعوهم فقتلوا عليّا وأخاه أحمد في جماعة، ولجأ محمد إلى بغداد وملك السيد بن أنس والأزد الموصل وخطب للمأمون.

ولما قدم المأمون بغداد وفد عليه السيّد بن أنس فشكاه محمد بن الحسين بن صالح واستعداءه عليه بقتل أخويه وقومه، فقال: نعم يا أمير المؤمنين! أدخلوا الخارجي بلدك وأقاموه على منبرك وأبطلوا دعوتك فأهدر المأمون دماءهم.

[ولاية طاهر على خراسان ووفاته]

كان المأمون بعد وصوله إلى العراق قد ولّى طاهر بن الحسين الجزيرة والشرطة بجانبي بغداد والسواد، ودخل عليه يوما في خلوته فأذن له بالجلوس وبكى ففداه. فقال المأمون أبكي لأمر ذكره ذلّ وستره حزن، ولن يخلو أحد من شجن، وقضى طاهر حديثه وانصرف. وكان حسين الخادم حاضرا فدسّ إليه على يد كاتبه محمد بن هارون أن يسأل المأمون عن مكاتبته على مائة ألف درهم ومثلها للكاتب، وخلا حسين بالمأمون وسأله ففطن وقال له: إنّ الثناء مني ليس برخيص، والمعروف عندي ليس بضائع فعيبي عن غير المأمون [٢] . فأجابه وركب إلى المأمون وفاوضه في أمر خراسان وأنها يخشى عليها من الترك وأنّ غسّان بن عبّاد ليس بكفء لها. فقال: لقد فكّرت في ذلك فمن ترى يصلح لها؟ قال: طاهر بن الحسين قال: هو خالع، قال: أنا ضامنه. فاستدعاه وعقد له من مدينة السلام إلى أقصى عمل المشرق من حلوان إلى خراسان، وعسكر من يومه خارج بغداد وأقام شهرا تحمل إليه كل يوم عشرة آلاف ألف درهم عادة صاحب خراسان. وولّى المأمون مكانه بالجزيرة ابنه عبد الله، وكان


[١] الإصر: الكسر.
[٢] العبارة غير واضحة وفي الكامل ج ٦ ص ٣٦١: « ... فركب طاهر إلى احمد بن أبي خالد فقال له:
ان الثناء مني ليس برخيص، وان المعروف عندي ليس بضائع، فغيّبني عن عينه (أي عين المأمون) » .

<<  <  ج: ص:  >  >>