يحفظها من النهب وأطلق يده في أمور الدولة واستبد بها وكان ياقوت مقيما بواسط، فلما بلغه القبض على ابنه انحدر إلى فارس لمحاربة ابن بويه، وكتب يستعطف الراضي ويسأله إبقاء ابنه ليساعده على شأنه. ولم يزل محمد محبوسا إلى أن هلك سنة أربع عشرة في محبسه.
[خبر البريدي]
كان أبو عبد الله البريدي أيام ابن ياقوت ضامنا للأهواز، فلما استولى عليها مرداويج وانهزم ابن ياقوت كما مرّ رجع البريدي إلى البصرة وصار يتصرّف في أسافل الأهواز مع كنانة ياقوت. ثم سار إلى ياقوت فأقام معه بواسط، فلما قبض على ابن ياقوت وكتب ابن مقلة إليه وإلى ياقوت يعتذر عن قبض ابن ياقوت ويأمرهما بالمسير لفتح فارس، فسار ياقوت على السوس والبريدي على طريق الماء حتى انتهيا إلى الأهواز. وكان إلى أخويه أبي الحسن وأبي يوسف ضمان السوس وجنديسابور، وادعيا أن دخل البلاد أخذه مرداويج. وبعث ابن مقلة ثانيا لتحقّق ذلك، فوافاهم وكتب بصدقهم، فاستولى ابن البريدي ما بين ذلك على أربعة آلاف ألف دينار، ثم أشار أبو عبد الله عليّ بن ياقوت بالمسير لفتح فارس، وأقام هو لجباية الأموال فحصل منها بغيته. وسار ياقوت فلقيه ابن بويه على أرّجان فهزمه وسار إلى عسكر مكرم. واتّبعه ابن بويه إلى رامهرمز وأقام بها إلى أن اصطلحا.
[مقتل ياقوت]
قد تقدّم لنا انهزام ياقوت من فارس أمام عماد الدولة ابن بويه إلى عسكر مكرم واستيلاء ابن بويه على فارس. وكان أبو عبد الله البريدي بالأهواز ضامنا كما تقدّم. وكان مع ذلك كاتبا لياقوت، وكان ياقوت يستنيم إليه ويثق به، وكان مغفّلا ضعيف السياسة فخادعه أبو عبد الله البريدي وأشار عليه بالمقام بعسكر مكرم وأن يبعث إليه بعض جنده الواصلين من بغداد تخفيفا للمئونة وتحذيرا من شغبهم. وبعث إليه أخاه بذلك أبا يوسف ودفع له من مال الأهواز خمسين ألف دينار. ثم قطع عنه فضاق الحال عليه وعلى جنده، وكان قد نزع إليه من أصحاب ابن بويه طاهر الحمل وكاتبه أبو جعفر الصهيري، ثم انصرف عنه لضيق حاله إلى غربي تستر ليتغلّب على ماه البصرة، فكبسه ابن بويه وغنم معسكره وأسر الصهيري فشفع فيه وزيره وأطلقه،