للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عامر رئيسين على بني واطاس لذلك العهد، فاستوهنوا أمر السلطان بعد مهلك أبيه، وحدّثوا أنفسهم بالانتزاء بتازوطا والاستبداد بتلك الناحية، فوثب عمر منهم بمنصور ابن أخي السلطان شهر شوال من سنة إحدى وتسعين وستمائة وفتك برجاله وذويه وأزعجه عنها، وغلبه على مال الجباية الّذي كان بقصره، فاستصفاه واستأثر به.

واستبدّ وشحن الحصن برجاله وحاشيته ووجوه قومه. ووصل منصور إلى السلطان وهلك لليال من منجاته أسفا لما أصابه. وسرّح السلطان وزيره الطائر الذكر عمر بن السعود بن خرباش بالعساكر لمنازلته فأناخ عليه. ثم نهض السلطان على أثره ووافاه واضطرب معسكره بساحته. وخالف عامر أخاه عمر إلى السلطان بقومه حذرا من مغبّة الأمر، وأشفق عمر لشدّة الحصار ويئس من الخلاص، وظنّ أن قد أحيط به ودسّ إلى أخيه عامر، فاستأذن السلطان في مداخلته في الدخول على الحصن فأذن له. واحتمل ذخيرته وفرّ إلى تلمسان. وبدا لعامر في رأيه عند ما خلص إلى الحصن وخلاله من أخيه عمر الجوّ. وحذر غائلة السلطان وخشي أن يثأر منه بابن أخيه، فامتنع بالحصن. ثم ندم وسقط في يده، وفي خلال ذلك كان وصول وفد الأندلس، وأرسوا أساطيلهم بمرسى غساسة، فبعث إليهم عامر أن يشفعوا له عند السلطان لوجاهتهم لديه، فتقبّلت شفاعتهم على شريطة إجازته إلى الأندلس، وكره ذلك وقدّم بين يديه بعض حاشيته إلى الأسطول مكرا بهم، وخاض الليل إلى تلمسان، وتقبّض السلطان على ولده وقتل. وأسلم أهل الاسطول من كان من حاشيته لديهم، وتجافوا عن إجازتهم على السلطان لما مكر بهم عامر فامر فاستلحموا مع من كان بالحصن من أتباعهم وقرابتهم وذريّاتهم [١] وتملّك السلطان حصن تازوطا وأنزل به عمّاله، ومسلحته وقفل إلى حضرته بفاس آخر جمادى من سنة اثنتين وتسعين وستمائة والله تعالى أعلم.

(الخبر عن نزوع أبي عامر ابن السلطان الى بلاد الريف وجهات غمارة)

كان الأمير أبو عامر بعد إجازة ابن الأحمر إلى السلطان أبيه ورضاه عنه، وتأكيد


[١] وفي نسخة ثانية: ذويهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>