للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسبعمائة وانحجر ابن أبي العلاء بسبتة مع أوليائه وسرّح السلطان عساكره، فتفرّقت نواحي سبتة بالاكتساح والغارة. وأمر باختطاط بلد تيطاوين لنزول معسكره والأخذ بمخنق سبتة. وأوفد كبير الفقهاء بمجلسه أبا يحيى بن أبي الصبر إليهم في شأن النزول عن البلد. وفي خلال ذلك اعتلّ السلطان فمرض وقضى أياما قلائل وهلك في ثامن صفر من سنته، ودفن بظاهر طنجة. ثم حمل شلوه بعد أيام إلى مدفن آبائه بشالة فووري هنالك. رحمة الله عليه وعليهم.

[(الخبر عن دولة السلطان أبي الربيع وما كان فيها من الاحداث)]

لما ملك السلطان أبو ثابت تصدّى للقيام بالأمر عمّه علي ابن السلطان أبي يعقوب المعروف بأمّه رزيكة، وخلص الملأ من بني مرين أهل الحلّ والعقد إلى أخيه أبي الربيع فبايعوه. وتقبّض على عمه عليّ بن رزيكة المستام للإمرة، فاعتقله بطنجة إلى أن هلك بها سنة عشر وسبعمائة لجمادى. وبثّ العطاء في الناس وأجزل وارتحل نحو فاس. واتبعه عثمان بن أبي العلاء في جيش كثيف، وبيّته وقد نذر به العسكر فأيقظوا ليلتهم ووافاهم على الظهر بساحة علودان، فناجزهم الحرب. وكانت الدائرة على عثمان وقومه. وتقبّض على ولده وكثير من عساكره. وأثخن أولياء السلطان فيهم بالقتل والسبي، وكان الظهور الّذي لا كفاء له. ووصل أبو يحيى بن أبي الصبر إلى الأندلس، وقد أحكم عقدة الصلح. وقد كان ابن الأحمر جاء للقاء السلطان أبي ثابت، ووصل إلى الجزيرة الخضراء فأدركه خبر مهلكه، فتوقف عن الجواز، وأجاز ابن أبي الصبر بأحكام المؤاخاة. واجتاز عثمان بن أبي العلاء إلى العدوة فيمن معه من القرابة. فلحق بغرناطة. وأغذّ السلطان السير إلى حضرته، فدخل فاس آخر ربيع من سنة ثمان وسبعمائة واستقامت الأمور وتمهّد الملك، وعقد السلم مع صاحب تلمسان موسى بن عثمان بن يغمراسن، وأقام وادعا بحضرته. وكانت أيامه خير أيام، هدنة وسكونا وترفا لأهل الدولة. وفي أيامه تغالى الناس في أثمان العقار، فبلغت قيمتها فوق المعتاد. حتى لقد بيع كثير من الدور بفاس بألف دينار من الذهب العين.

وتنافس الناس في البناء فعالوا الصروح، واتخذوا القصور المشيّدة بالصخر والرخام

<<  <  ج: ص:  >  >>