ولما هلك المعز قام بأمره ابنه تميم وغلبه العرب على إفريقية، فلم يكن له إلا ما ضمّه السور، خلا أنه كان يخالف بينهم ويسلّط بعضهم على بعض. وزحف إليه حمّو بن مليل البرغواطي صاحب صفاقس، فخرج تميم للقائه، وانقسمت العرب عليهما فانهزم حمّو وأصحابه، وذلك سنة خمس وخمسين وأربعمائة. وسار منها إلى سوسة فافتتحها، ثم بعث عساكره إلى تونس فحاصروا ابن خراسان حتى استقام على الطاعة لتميم. ثم بعث عساكره أيضا إلى القيروان، وكان بها قائد بن ميمون الصنهاجي من قبل المعزّ فأقام ثلاثا، ثم غلبته عليها هوّارة، وخرج إلى المهديّة، ثم ردّه تميم إلى ولايته بها فخالف بعد ست من ولايته، وكاتب الناصر بن علناس صاحب القلعة فبعث تميم إليه العساكر فلحق بالناصر وأسلم القيروان.
ثم رجع بعد ست إلى حمو بن مليل البرغواطي بصفاقس وابتاع له القيروان من مهنا ابن علي أمير زغبة، فولّاه عليها وحصّنها سنة سبعين وأربعمائة، وكانت بين تميم والناصر صاحب القلعة أثناء ذلك فتن كان سماسرتها العرب يجأجؤن بالناصر من قلعته، ويوطئون عساكره ببلاد إفريقية، وربما ملك بعض أمصارها، ثم يردّونه على عقبه إلى داره إلى أن اصطلحا سنة سبعين وأربعمائة، وأصهر إليه تميم بابنته.
ونهض تميم سنة أربع وسبعين وأربعمائة إلى قابس وبها ماضي بن محمد الصنهاجي، وليها بعد أخيه إبراهيم فحاصرها، ثم أفرج عنها، ونازلته العرب سنة ست وسبعين وأربعمائة بالمهدية، ثم أفرجوا عنه، وهزمهم فقصدوا القيروان ودخلوها فأخرجهم عنها.
وفي أيامه كان تغلّب نصارى جنده على المهديّة سنة ثمانين واربعمائة نزلوها في ثلاثمائة مركب وثلاثين ألف مقاتل، واستولوا عليها وعلى زويلة، فبذل لهم تميم في النزول عنها مائة ألف دينار بعد أن انتهبوا جميع ما كان بها، فاستخلصها من أيديهم ورجع إليها، ثم استولى على قابس سنة تسع وثمانين وأربعمائة من يد أخيه عمر بن المعزّ بايع له أهلها بعد موت قاضي بن إبراهيم. ثم استولى بعدها على صفاقس سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة وخرج منها حمّو بن مليل إلى قابس، فأجاره مكن ابن كامل