للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السطي، ومولاه عنبر الخصّي، فوفدوا يوم مثنى من سنة ست وأربعين وسبعمائة وأنزلوا منزل البرّ، واستبلغ في تكريمهم ودسّ الحاجب أبو عبد الله بن تافراكين إلى سلطانه غرض وفادتهم، فأبى من ذلك صونا لحرمة عن جولة الأقطار وتحكّم الرجال، واستعظاما لمثل هذا العرس. ولم يزل حاجبه ابن تافراكين يخفض عليه الشأن ويعظّم عليه حقّ السلطان أبي الحسن في ردّ خطبته مع الأذمّة السابقة بينهما من الصهر والمخالصة إلى أن أجاب وأسعف. وجعل ذلك إليه فانعقد الصهر بينهما وأخذ الحاجب في شوار العروس، وتأنق فيه واحتفل واستكثر وطال ثواء الرسل إلى أن استكمل وارتحلوا من تونس لربيع من سنة تسع [١] وأربعين وسبعمائة وأوعز مولانا السلطان أبو يحيى إلى ابنه الفضل صاحب بونة وشقيق هذا العروس أن يزفّها على السلطان أبي الحسن قياما بحقّه، وبعث من بابه مشيخة من الموحدين مقدّمهم عبد الواحد بن محمد بن أكمازير، صحبوا ركابها إليه. ووفدوا جميعا على السلطان واتصل الخبر أثناء طريقهم بمهلك مولانا السلطان أبي يحيى عفا الله عنه، فعزاهم السلطان أبو الحسن عنه عند ما وصلوا إليه، واستبلغ في تكريمهم وأجمل موعد أخيها الفضل بسلطانه ومظاهرته على تراث أبيه فاطمأنت به الدار الى أن سار في جملة السلطان وتحت ألويته إلى إفريقية كما نذكر إن شاء الله تعالى.

(الخبر عن حركة السلطان الى إفريقية واستيلائه عليها)

كان السلطان أبو الحسن قد امتدّت عينه إلى ملك إفريقية لولا مكان السلطان أبي يحيى من ولايته وصهره، وأقام يتحيّن لها الأوقات، ولمّا بعث إليه في الصهر وأشيع بتلمسان أن الموحدين ردّوا خطبته، نهض من المنصورة بتلمسان وأغذّ السير إلى فاس ففتح ديوان العطاء، وأزاح علل العسكر، وعقد على المغرب الأقصى لحافده منصور ابن الأمير أبي مالك، وفوّض إلى الحسن بن سليمان بن يرزيكن في أحكام الشرطة، وعقد له على الضاحية، وارتحل إلى تلمسان مضمرا الحركة إلى إفريقية حتى إذا جاء الخبر اليقين بالإسعاف والزفاف سكن عزمه [٢] وهدأ طائره. فلمّا هلك السلطان أبو


[١] وفي نسخة ثانية: سنة سبع.
[٢] وفي نسخة ثانية: سكن غربة.

<<  <  ج: ص:  >  >>