للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(الخبر عن دولة العادل بن المنصور)]

لما بلغت بيعة الموحّدين للعادل وكتاب ابن زكريا بن الشهيد بقصّة المخلوع، قارن ذلك تغييره للبيّاسي فانتقض عليه، ودعا لنفسه ببيّاسة، وتلقّب الظافر وشغل بشأنه، وبعث أخاه أبا العلى لحصاره فامتنع عليه، وبعث بعده ابنه أبا سعيد ابن الشيخ أبي حفص فامتنع عليه أيضا، واختلّت الأحوال بالأندلس على العادل وكثرت غارة النصارى على إشبيليّة ومرسية وهو مقيم بها. وانهزمت جيوش الموحّدين على طليطلة وأغراه خاصته بابن يوجان فأخذ إلى سبتة. وعظم أمر البيّاسي بالأندلس وظاهر النصارى على شأنه، فأجاز العادل إلى العدوة وولّى أخاه أبا العلى على الأندلس. ولما كان بقصر الحجاز دخل عليه عبّو بن أبي محمد ابن الشيخ أبي حفص، فقال له كيف حالك فأنشده:

حال متى علم ابن منصور بها ... جاء الزمان اليه منها تائبا

فاستحسن ذلك وولّاه إفريقية. وكتب للسيد أبي زيد ابن عمه بالقدوم، ووصل إلى سلا فأقام بها. وبعث عن شيوخ جشم، وكان لابن يوجان عناية واختصاص يهلال بن حمدان بن مقدّم أمير الخلط، فتثاقل ابن جرمون أمير سفيان عن الوصول، وأقبل الخلط وسفيان، وبادر العادل إلى مراكش فدخلها واستوزر أبا زيد بن أبي محمد بن الشيخ أبي حفص، وتغيّر لابن يوجان ففسد باطنه. وتغلّب على الدولة ابن الشهيد ويوسف بن علي شيخا هنتاتة وتين ملّل. ثم خالفت هسكورة والخلط وعاثوا نواحي مراكش، وخرج إليهم ابن يوجان فلم يغن شيئا فخرّبوا بلاد دكالة فأنفذ إليهم العادل عسكرا من الموحّدين لنظر إبراهيم بن إسماعيل بن الشيخ أبي حفص وهو الّذي كان نازع أولاد الشيخ أبي محمد بإفريقية كما نذكره فانهزم وقتل.

وخرج ابن الشهيد ويوسف بن علي إلى قبائلها للحشد ومدافعة هسكورة، فاتفقا على خلع العادل والبيعة ليحيى بن الناصر، وقصدوا مراكش فاقتحموا عليه القصر ونهبوه، وقتل العادل خنقا أيام الفطر من سنة أربع وعشرين وستمائة والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>