إليه أخوه إبراهيم والحسن خديعة ومكرا فأمنهما، ولم يعلم، وتبعهما كثير من أصحاب حمدان. وعاد حمدان من سنجار إلى عرابان واطلع أبو ثعلب على خديعة أخويه فهربا منه. ثم استأمن الحسن ورجع إليه، وكان حمدان أقام نائبا بالرحبة غلامه نجا، فاستولى على أمواله وهرب بها إلى حران وبها سلامة البرقعيدي من قبل أبي ثعلب فرجع حمدان إلى الرحبة، وسار أبو ثعلب إلى قرقيسيا، وبعث العساكر إلى الرحبة فعبروا الفرات، واستولوا عليها، ونجا حمدان بنفسه، ولحق بسنجار مستجيرا به، ومعه أخوه إبراهيم فأكرمهما ووصلهما وأقاما عنده. ورجع أبو ثعلب إلى الموصل وذلك كله آخر سنة ستين وثلاثمائة.
(خروج الروم الى الجزيرة والشام)
وفي سنة خمس وثمانين وثلاثمائة دخل ملك الروم الشام فسار في نواحيها، ولم يجد من يدافعه فعاث في نواحي طرابلس، وكان أهلها قد أخرجوا عاملهم إلى عرقة لسوء سيرته فنهب الروم أمواله، ثم حاصر الروم عرقة فملكوها ونهبوها. ثم قصدوا حمص وقد انتقل أهلها عنها فأحرقوها، ورجعوا إلى بلاد السواحل وملكوا منها ثمانية عشر بلدا، واستباحوا عامة القرى، وساروا في جميع نواحي الشام ولا مدافع لهم، إلا أن بعض العرب كانوا يغيرون على أطرافهم. ثم رجع ملك الروم مجمعا حصار حلب وأنطاكية، وبلغه استعدادهم فرحل عنهم إلى بلاده ومعه من السبي مائة ألف رأس. وكان بحلب قرعوية [١] مولى سيف الدولة فمانعهم، وبعث ملك الروم سراياه إلى الجزيرة فبلغوا كفرتوثا وعاثوا في نواحيها، ولم يكن من أبي ثعلب مدافعة لهم.
[(استبداد قرعوية بحلب)]
كان قرعوية غلام سيف الدولة، وهو الّذي أخذ البيعة لابنه أبي المعالي بعد موته،
[١] مرّ معنا من قبل باسم فرعوبة وهذا تحريف واضح. اما اسمه الحقيقي قرغوية.