(الخبر عن اضطراب المغرب الأوسط ورجوع أبي زيان الى تيطري واجلاب أبي حمو على تلمسان ثم انهزامهما وتشريدهما على سائر النواحي)
كان بنو عامر من زغبة شيعة خالصة لبني عبد الواد من أوّل أمرهم، وخلص سويد لبني مرين كما قدّمناه، فكان من شأن عريف وبنيه عند السلطان أبي الحسن وبنيه ما هو معروف. فلما استبيحت أحياؤهم بالدوس مع أبي حمو، ذهبوا في القفر إشفاقا ويأسا من قبول بني مرين عليهم لما كان ونزمار بن عريف وإخوانه من الدولة، فحدبوا على سلطانهم أبي حمو يتقلّبون معه في القفار. ثم نزع إليهم رحّو بن منصور فيمن أطاعه من قومه عبيد الله من المعقل، وأجلبوا على وجدة فاضطرم النفاق على الدولة نارا، وخشي حصين مغبة أمرهم من السلطان بما تسموا به من الشقاق والعناد، فمدّوا أيديهم إلى سلطانهم أبي زيّان، وأوفد مشيختهم لاستدعائه من حلّة أولاد يحيى بن علي فاحتلّ بينهم وأجلبوا به على المرية فملكوا نواحيها، وامتنع عليهم مصرها، واستمرّ الحال على ذلك واضطرب المغرب الأوسط على السلطان، وانتقضت به طاعته وسرّح الجيوش والعساكر إلى قتال مغراوة وحصين، فأجمع أبو حمو وبنو عامر على قصده بتلمسان حتى إذا احتلوا قريبا منها دسّ السلطان عبد العزيز بعض شيعته إلى خالد بن عامر وزغبة في المال والحظ منه، وكان أبو حمّو قد آسفه بمخالطة بعض عشيرة وتعقّب رأيه برأي من لم يسم إلى خطته. ولم يرتض كفاءته فجنح إلى ملك المغرب، ونزع يده من عهد أبي حمّو، وسرّح السلطان عبد العزيز عسكره إلى خالد فأوقع بأبي حمّو ومن كان من العرب عبيد الله وبني عامر، وانتهب معسكره وأمواله، واحتقبت حرمه وحظاياه إلى قصر السلطان، وتقبّض على مولاه عطيّة، فمنّ عليه السلطان وأصاره في حاشيته ووزرائه، وأصفقت زغبة على خدمة ملك المغرب وافق هذا الفتح عند السلطان فتح بلاد مغراوة، وتغلّب وزيره أبو بكر بن غازي على جبل بني سعيد، وتقبّض على حمزة بن علي بن راشد في لمّة من أصحابه، فضرب أعناقهم وبعث بها إلى سدّة السلطان، وصلب أشلاءهم بساحة مليانة معظم الفتح واكتمل الظهور. وأوعز السلطان إلى وزيره أبي بكر بن غازي بالنهوض إلى