[الفصل الحادي عشر في أن خلق التجار نازلة عن خلق الأشراف والملوك]
وذلك أنّ التّجّار في غالب أحوالهم إنّما يعانون البيع والشّراء ولا بدّ فيه من المكايسة ضرورة فإن اقتصر عليها اقتصرت به على خلقها وهي أعني خلق المكايسة بعيدة عن المروءة الّتي تتخلّق بها الملوك والأشراف. وأمّا إن استرذل خلقه بما يتبع ذلك في أهل الطّبقة السّفلى منهم من المماحكة والغشّ والخلابة وتعاهد الأيمان الكاذبة على الأثمان ردّا وقبولا فأجدر بذلك الخلق أن يكون في غاية المذلّة لما هو معروف. ولذلك تجد أهل الرّئاسة يتحامون الاحتراف بهذه الحرفة لأجل ما يكسب من هذا الخلق. وقد يوجد منهم من يسلم من هذا الخلق ويتحاماه لشرف نفسه وكرم جلاله إلّا أنّه في النّادر بين الوجود والله يهدي من يشاء بفضله وكرمه وهو ربّ الأوّلين والآخرين.
[الفصل الثاني عشر في نقل التاجر للسلع]
التّاجر البصير بالتّجارة لا ينقل من السّلع إلّا ما تعمّ الحاجة إليه من الغنيّ والفقير والسّلطان والسّوقة إذ في ذلك نفاق سلعته. وأمّا إذا اختصّ نقله بما يحتاج
[١] وفي النسخة الباريسية: «لأن الناس في الغالب متطلعون إلى ما في أيدي الناس. ولولا وازع أحكام ما سلم لأحد شيء مما في يده. خصوصا الباعة وسفلة الناس ورعاعهم» .