للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شميط، وبعث مصعب عبّاد الحبطيّ ومعه عبيد الله بن عليّ بن أبي طالب، وتراضوا ليلا، فناجزهم المختار من ليلته وانكشف أصحاب مصعب إلى عسكرهم واشتدّ القتال وقتل من أصحاب مصعب جماعة منهم محمد بن الأشعث فلما أصبح المختار وجد أصحابه قد توغلوا في أصحاب مصعب وليس عنده أحد فانصرف ودخل قصر الكوفة وفقد أصحابه فلحقوا به، ودخل القصر معه ثمانية آلاف منهم.

وأقبل مصعب فحاصرهم أربعة أشهر يقاتلهم بالسيوف كل يوم حتى قتل، وطلب الذين في القصر الأمان من مصعب ونزلوا على حكمه فقتلهم جميعا، وكانوا ستة آلاف رجل. ولما ملك مصعب الكوفة بعث عبد الله بن الزبير ابنه حمزة على البصرة مكان مصعب فأساء السيرة وقصر بالأشراف ففزعوا إلى مالك بن مسمع، فخرج إلى الجسر وبعث إلى حمزة أن الحق بأبيك. وكتب الأحنف إلى أبيه أن يعزله عنهم ويعيد لهم مصعبا ففعل وخرج حمزة بالأموال فعرض له مالك بن مسمع وقال: لا ندعك تخرج بأعطياتنا فضمن له عمر بن عبيد الله العطاء فكفّ عنه. وقيل إن عبيد الله بن الزبير إنّما ردّ مصعبا إلى البصرة عند وفادته عليه بعد سنة من قتل المختار.

ولما ردّه إلى البصرة استعمل عمر بن عبيد الله بن معمر على فارس وولّاه حرب الأزارقة. وكان المهلّب على حربهم أيام مصعب وحمزة، فلما ردّ مصعبا أراد أن يولّي المهلب الموصل والجزيرة وأرمينية ليكون بينه وبين عبد الملك فاستقدمه واستخلف على عمله المغيرة. فلما قدم البصرة عزله مصعب عن حرب الخوارج وبلاد فارس واستعمل عليها عمر بن عبيد الله بن معمر فكان له في حروبهم ما نذكره في أخبار الخوارج.

[خلاف عمر بن سعيد الأشرف ومقتله]

كان عبد الملك بعد رجوعه من قنّسرين أقام بدمشق زمانا، ثم سار لقتال زخر [١] بن الحرث الكلابي بقرقيسياء، واستخلف على دمشق عبد الرحمن بن أم الحكم الثقفي ابن أخته، وسار معه عمر بن سعيد. فلما بلغ بطنان انتقض عمر وأسرى ليلا إلى دمشق، وهرب ابن أم الحكم عنها فدخلها عمر وهدم داره، واجتمع إليه الناس


[١] هو زفر بن الحارث الّذي ذكره الأخطل بقوله:
بني أمية اني ناصح لكم ... فلا يبيتن فيكم آمنا زفر

<<  <  ج: ص:  >  >>