زوجته أخت خوارزم شاه فغلقت الأبواب دونه واسترحمته فتركها وبعث الى ملك الخطا بالطاعة وبلغ الخبر الى خوارزم شاه فامتعض وهمّ بقتل من في بلده من أهل سمرقند ثم انثنى عن ذلك وأمر عساكره بالتوجه الى ما وراء النهر فخرجوا أرسالا وهو في أثرهم وعبر بهم النهر ونزل على سمرقند وحاصرها ونصب عليها الآلات وملكها عنوة واستباحها ثلاثا قتل فيها نحوا من مائتي ألف واعتصم صاحبها بالقلعة ثم حاصرها وملكها عنوة وقتل صاحبها صبرا في جماعة من أقرانه ومحا آثار الخانية وأنزل في سائر البلاد وراء النهر نوّابه وعاد الى خوارزم والله تعالى ولىّ النصر بمنه وفضله.
[استلحام الخطا]
قد تقدّم لنا وصول طائفة من أمم الترك الى بلاد تركستان وكاشغر وانتشارهم فيما وراء النهر واستخدموا للملوك الخانية أصحاب تركستان وكان ارسلان خان محمد بن سليمان ينزلهم مسالح على الريف فيما بينه وبين الصين ولهم على ذلك الاقطاعات والجرايات وكان يعاقبهم على ما يقع منهم من الفساد والعيث في البلاد ويوقع بهم ففرّوا من بلاده وابتغوا عنه فسيحا من الأرض ونزلوا بلاساغون ثم خرج كوخان ملك الترك الأعظم من الصين سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة فسارت اليه أمم الخطا ولقيهم الخان محمود بن محمد بن سليمان بن داود بقراخان وهو ابن أخت السلطان سنجر فهزموه وبعث بالصريخ الى خاله سنجر فاستنفر ملوك خراسان وعساكر المسلمين وعبر جيحون للقائهم في صفر سنة ست وثلاثين ولقيه أمم الترك والخطا فهزموه واثخنوا في المسلمين وأسرت زوجة السلطان سنجر ثم أطلقها كوخان بعد ذلك وملك الترك بلاد ما وراء النهر ثم مات كوخان ملكهم سنة سبع وثلاثين ووليت بعده ابنته وماتت قريبا وملكت من بعدها أمها زوجة كوخان وابنه محمد ثم انقرض ملكهم واستولى الخطا على ما وراء النهر الى آن غلبهم عليه خوارزم شاه علاء الدين محمد بن تكش كما قدّمنا وكانت قد خرجت قبل ذلك خارجة عظيمة من الترك يعرفون بالتتر ونزلوا في حدود الصين وراء تركستان وكان ملكهم كشلى خان ووقع بينه وبين الخطا من العداوة والحروب ما يقع بين الأمم المتجاورة فلما بلغهم ما فعله خوارزم شاه بالخطا أرادوا الانتقام منهم وزحف كشلى في أمم التتر الى الخطا لينتهز الفرصة فيهم فبعث الخطا الى خوارزم شاه يتلطفون له ويسألونه النصر من عدوّهم قبل أن يستحكم أمرهم وتضيق عنه قدرته وقدرتهم وبعث اليه كشلى يغريه بهم وأن يتركه وإياهم ويحلف له على مسالمة بلاده فسار خوارزم شاه