مثله وذمّ سيرة بني أمية وعاهد الناس على إقامته الكتاب والسنّة وسيرة النبي. ثم اعتذر عن عود السفّاح بعد الصلاة إلى المنبر وأنه أراد أن لا يخلط كلام الجمعة بغيرها، وإنما قطعه عن إتمام الكلام شدّة الوعك فأدعوا الله له بالعافية. ثم بالغ في ذم مروان وشكر شيعتهم من أهل خراسان وأنّ الكوفة منزلهم لا يتخلون عنها وأنه ما صعد هذا المنبر خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين وأمير المؤمنين عبد الله بن محمد وأشار إلى السفّاح وأنّ هذا الأمر فينا ليس بخارج عنّا حتى نسلمه لعيسى بن مريم. ثم نزل أبو العبّاس وداود أمامه حتى دخل القصر وأجلس أخاه أبا جعفر في المسجد يأخذ البيعة على الناس حتى جنّ الليل.
وخرج أبو العبّاس إلى عسكر أبي سلمة ونزل معه في حجرته بينهما ستر. وحاجب السفّاح يومئذ عبد الله بن بسّام واستخلف على الكوفة عمه داود وبعث عمه عبد الله إلى أبي عون بن يزيد بشهرزور وبعث ابن أخيه موسى إلى الحسن ابن قحطبة وهو يحاصر ابن هبيرة بواسط وبعث يحيى بن جعفر بن تمام بن العبّاس إلى أحمد ابن قحطبة بالمدائن وبعث أبا اليقظان عثمان بن عروة بن محمد بن عمار بن ياسر إلى بسّام إبراهيم بن بسّام بالأهواز، وبعث سلمة بن عمر بن عثمان بن مالك ابن الطوّاف وأقام السفّاح بالعسكر شهرا ثم ارتحل فنزل قصر الإمارة من المدينة الهاشمية. وقد قيل إنّ داود بن عليّ وابنه موسى لم يكونا بالشام عند مسير بني العبّاس إلى الكوفة وإنهما لقياهم بدومة الجندل فعرفا خبرهم وقال لهم داود: كيف تأتون الكوفة ومروان بن محمد في حرّان في أهل الشام والجزيرة فطلّ على العراق ويزيد بن هبيرة بالعراق؟ فقال: يا عم من أحب الحياء ذلّ فرجع داود وابنه معه.
[مقتل إبراهيم بن الامام]
قد تقدّم لنا أنّ مروان حبسه بحرّان وحبس سعيد بن هشام بن عبد الملك وابنيه عثمان ومروان والعبّاس بن الوليد بن عبد الملك وعبد الله بن عمر بن عبد العزيز وأبا محمد السفياني فهلك منهم في السجن من وباء وقع بحرّان: العبّاس بن الوليد وإبراهيم بن الإمام وعبد الله بن عمر. وخرج سعيد بن هشام ومن معه من المحبوسين بعد أن قتلوا صاحب السجن فقتلهم الغوغاء من أهل حرّان وكان فيمن قتلوه شراحيل بن مسلمة بن عبد الملك وعبد الملك بن بشر الثعلبي وبطريق أرمينية واسمه كوشان