للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العهد لعليّ الرضا والبيعة لإبراهيم بن مهدي

ولما بلغ أهل بغداد أنّ المأمون قد بايع بالعهد لعليّ بن موسى الكاظم ولقبه الرضا من آل محمد، وأمر الجند بطرح السواد ولبس الخضرة، وكتب بذلك إلى الآفاق، وكتب الحسن بن سهل إلى عيسى بن محمد بن أبي خالد ببغداد يعلمه بذلك في رمضان من سنة إحدى ومائتين، وأمره أن يأخذ من عنده من الجند وبني هاشم بذلك، فأجاب بعض وامتنع بعض، وكبر عليهم إخراج الخلافة من بني العبّاس.

وتولى كبر ذلك منصور وإبراهيم ابنا المهدي وشايعهم عليه المطّلب بن عبد الله بن مالك والسدّي ونصر الوصيف وصالح صاحب المصلّى ومنعوا [١] يوم الجمعة من نادى في الناس بخلع المأمون والبيعة لإبراهيم بن المهدي ومن بعده لإسحاق بن الهادي. ثم بايعوه في المحرم سنة اثنتين ومائتين ولقبوه المبارك ووعد الجند بأرزاق ستة أشهر، واستولى على الكوفة والسواد، وخرج فعسكر بالمدائن وولّى بها على الجانب الغربيّ العباس بن الهادي، وعلى الجانب الشرقيّ إسحاق بن الهادي. وكان بقصر ابن هبيرة حميد بن عبد الحميد عاملا للحسن بن سهل، ومعه القوّاد سعيد بن الساحور وأبو البطّ وغسّان بن الفرج [٢] ومحمد بن إبراهيم بن الأغلب كانوا منحرفين عن حميد فداخلوا إبراهيم بن الهادي في أن يهلكوه في قصر ابن هبيرة وشعر بذلك الحسن بن سهل فاستقدم حميدا وخلا لهم الجوّ منه فبعث إبراهيم بن المهدي عيسى ابن محمد بن أبي خالد وملك قصر ابن هبيرة وانتهب عسكر حميد ولحق به ابنه بجواريه. ثم عاد إلى الكوفة فاستعمل عليها العبّاس بن موسى الكاظم وأمره أن يدعو لأخيه فامتنع غلاة الشيعة من إجابته وقالوا: لا حاجة لنا بذكر المأمون وقعدوا عنه.

وبعث إبراهيم بن المهدي من القوّاد سعيدا وأبا البطّ لقتاله، فسرّح إليهم العبّاس بن عمه وهو عليّ بن محمد الديباجة فانهزم، ونزل سعيد وأبو البطّ الحيرة ثم تقدّموا لقتال أهل الكوفة، وقاتلهم شيعة بني العبّاس ومواليهم. ثم سألوا الأمان للعبّاس وخرجوا من داره. ثم قاتل أصحابه أصحاب سعيد فهزموهم وأحرقوا دور عيسى بن موسى، وبلغ الخبر إلى سعيد بالحيرة بأن العبّاس قد نقض ورجع عن الأمان فركب وجاء إلى


[١] لعلها وجهوا.
[٢] غسان بن أبي الفرج: ابن الأثير ج ٦ ص ٣٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>