للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم. ثم تأشّبت على راشد ومنيف خوارج الثعالبة ومليكش، وصمد إليهم الأمير ابو يحيى في عساكره ثانية، ونازلهم بمعاقلهم ورغبوا في السلم، فبذله السلطان لهم، وأجاز منيف بن ثابت إلى الأندلس فيمن إليه من بنيه وعشيرة، فاستقرّوا بها آخر الأيام. ولحق راشد ببلاد الموحّدين ووفد محمد بن منديل سنة خمس وسبعمائة على السلطان، فأوسعه حبّا وتكريما. وتمهّدت بلاد مغراوة واستبدّ بملكها السلطان، وصرف إليها العمّال، ولم يزل كذلك إلى أن هلك سنة ست وسبعمائة والله تعالى أعلم.

[(الخبر عن افتتاح بلاد توجين وما تخلل ذلك)]

لما نازل يوسف بن يعقوب تلمسان وأحاط بها، وتغلّب على بني عبد الواد، وسما إلى تملك بلاد توجين. وكان عثمان بن يغمراسن قد غلبهم على مواطنهم، وملك جبل وانشريش وتصرّف في بني عبد القوي بالولاية والعزل وأخذ الإتاوة سنة إحدى وسبعمائة، وأوعز إليه السلطان ببناء البطحاء التي هدمها محمد بن عبد القويّ، فبناها وتوغّل في قاصية المشرق، ثم انكفأ راجعا إلى حضرة أخيه وعطف على بلاد بني توجين سنة اثنتين وسبعمائة وفرّ بنو عبد القوي إلى ضواحيهم بالقفر، ودخل إلى جبل وانشريش وهدم حصونهم به، ورجع إلى الحضرة. ثم بادر أهل تافركينت سنة ثلاث وسبعمائة بإيتاء طاعتهم [١] . وانتقضوا طاعتهم بعدها. ثم بعث أهل المرية بطاعتهم السلطان، فتقبّلها وأوعز ببناء قصبتها. وراجع بنو عبد القوي بعد ذلك بصائرهم فدخلوا في طاعة السلطان، ووفدوا عليه بمكانه من المنصورة مدينته المحيطة على تلمسان سنة ثلاث وسبعمائة فتقبّل طاعتهم ورعى سابقتهم، وأعادهم إلى بلادهم وأقطعهم، وولّى عليهم عليّ بن الناصر بن عبد القوي، وأوعز ببناء قصبة المريّة سنة أربع وكملت سنة خمس وسبعمائة وهلك عليّ بن الناصر خلال ذلك، فعقد عليهم لمحمد بن عطية الأصمّ كما ذكرناه. فاستمرّ على الطاعة، ثم انتقض سنة ست وسبعمائة وحمل قومه على الخلاف، وانتبذوا عن الوطن إلى أن هلك يوسف بن يعقوب كما نذكره إن شاء الله تعالى، والله تعالى أعلم.


[١] وفي نسخة ثانية: بإتيان الطاعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>