وقسطنطين في ملكها، وأقرّا وردا على ما بيده قليلا. ثم مات وتقدم بسيل في الملك ودام عليه ملكه وحارب البلغار خمسا وثلاثين سنة، وظفر بهم وأجلاهم عن بلادهم وأسكنها الروم.
[(ولاية بكجور على دمشق)]
قد قدمنا ولاية بكجور على حمص لأبي المعالي بن سيف الدولة وأنه عمرها وكان أهل دمشق ينتقلون إليها لما نالهم من جور قسام. وما وقع بها من الغلاء والوباء، وكان بكجور يحمل الأقوات من حمص تقربا إلى العزيز صاحب مصر، وكاتبه في ولايتها فوعده بذلك. ثم استوحش من أبي المعالي سنة ثلاث وسبعين، وأرسل إلى العزيز يستنجز وعده في ولاية دمشق فمنع الوزير بن كلس من ولايته ريبة به، وكان بدمشق من قبل العزيز القائد بلكين بعثه فمنع الوزير بعد قسام وساء أثر ابن كلس في الدولة، واجتمع الكتاميون بمصر على التوثب بابن كلس ودعته الضرورة لاستقدام بلكين من دمشق فأمر العزيز باستقدامه، وولى بكجور مكانه فدخلها في رجب سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة وأساء السيرة فيها وعاث في أصحاب الوزير بن كلس وأقام على ذلك ستا. وعجز أهل دمشق منه وجهزت العساكر من مصر مع القائد منير الخادم، وكوتب نزال والي طرابلس بمعاضدته فسار في العساكر، وجمع بكجور عسكرا من العرب وغيرهم، وخرج للقائه فهزمه منير واستأمن إليه بكجور على أن يرحل عن دمشق فأمنه، ورحل إلى الرقة واستولى عليها، وتسلم منير دمشق وأقام بكجور بالرقة واستولى على الرحبة وما يجاور الرقة، وراسل بهاء الدولة بن عضد الدولة بالطاعة وباد الكردي المتغلب على ديار بكر والموصل بالمسير إليه، وأبا المعالي سعد الدولة صاحب حلب بالعود إلى طاعته على أن يقطعه حمص، فلم يحبه أحد إلى شيء فأقام بالرقة يراسل موالي سعد الدولة أبي المعالي، ويستميلهم في الغدر به فأجابوه، وأخبروه أن أبا المعالي مشغول بلذاته فاستمد حينئذ العزيز، فكتب إلى نزال بطرابلس وغيره من ولاة الشام أن يمدوه ويكونوا في تصرفه. ودس إليهم عيسى بن نسطورس النصراني وزير العزيز في المباعدة عنه لعداوته مع ابن كلس الوزير قبله، ابن خلدون م ٢١ ج ٤