للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطاعة، ورهن ابنه ونبذ إلى السلطان زكريا العم عهده ورجّعه على عقبه إلى الزواودة، والتزم طاعة السلطان والاستقامة على المظاهرة إلى أن هلك سنة ست وتسعين وسبعمائة فقتله محمد ابن أخيه قتيبة في مشاجرة كانت بينهما، طعنه بها فأشواه ورجع جريحا إلى بيته، وهلك دونها أواخر يوما. وقام بأمر بني كعب بعده صولة ابن أخيه خالد وعقد له مولانا السلطان على أمرهم واستمرّت الحال إلى أن كان من أمره ما نذكر إن شاء الله تعالى.

[(الخبر عن فتح سوسة والمهدية)]

كانت سوسة منذ واقعة بني مرين بالقيروان وتغلّب العرب على العمالات فأقطعها السلطان أبو الحسن لخليفة بن عبد الله بن مسكين فيما سوّغ للعرب من الأمصار والاقطاعات مما لم يكن لهم فاستولى عليها خليفة هذا ونزلها واستقل بجبايتها وأحكامها. واستبدّ بها على السلطان ولم يزل كذلك إلى أن هلك وقام بأمره في قومه عامر بن عمه محمد بن مسكين أيام استبداد أبي محمد بن تافراكين فسوّغها له كذلك مفضلا مرهبا من قتله [١] ثم قتله بنو كعب، وأقام بأمر حكيم من بعده أحمد الملقب أبو صعنونة بن محمد أخي خليفة بن عبد الله بن مسكين فاستبدّ بسوسة على السلطان واقتعدها دار إمارته، وربما كان ينتقض على صاحب الحضرة فيجلب عليها من سوسة، ويسنّ الغارات في نواحيها حتى لقد أوقع في بعض أيامه بمنصور سريحة مولى السلطان أبي إسحاق وقائد عسكره، فتقبّض عليه واعتقله بسوسة أياما. ثم من عليه وأطلقه وعاود الطاعة معه، ولم يزل هذا دأبهم. وكانت لهم في الرعايا آثار قبيحة وملكات سيّئة، ولم يزالوا يضرعون إلى الله في إنقاذهم من أيدي جورهم وعسفهم إلى أن تأذّن الله لأهل إفريقية باقتبال الخير وفيء ظلال الأمر. واستبدّ مولانا السلطان أبو العبّاس بالحضرة وسائر عمالات إفريقية وهبّت ريح العزّ على المغرب في جميع النواحي، فتنكّر أهل سوسة لعاملهم أبي صعنونة هذا، وأحسّ بتنكراتهم فخرج عنهم وتجافى للسلطان عن البلد. وثارت عامّتها بعمّاله وأجهضوهم، ونزل


[١] وفي نسخة ثانية: متقبّلا مذهب من قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>