لما ولّاه الحسن بن سهل طبرستان انتزع الجبل من يده فأفضى له الحسن كتاب ابن طاهر وتوثق له فيه، وأوعده ليوم معلوم ركب فيه الحسن إلى الجبل فأدخله ابن عمّ مازيار وحاصروه حتى نزل على حكمه. ويقال أخذه أسيرا في الصيد. ومضى الحسن به ولم يشعر صاحب الجبل الآخر وأقام في قتاله لمن كان بإزائه فلم يشعر إلّا والعساكر من ورائه فانهزم، ومضى إلى بلاد الديلم فأتبعوه وقتلوه. ولما صار المازيار في يده طلبت منه كتب الأفشين فأحضرها، وأمر ابن طاهر أن يبعث بها معه إلى المعتصم، فلما وصل إلى المعتصم ضربه حتى مات وصلبه إلى جانب بابك وذلك سنة أربع وعشرين.
[ولاية ابن السيد على الموصل]
وفي سنة أربع وعشرين ولّى المعتصم على الموصل عبد الله بن السيد بن أنس الأزدي وكان سبب ولايته أنّ رجلا من مقدّمي الأكراد يعرف بجعفر بن فهرجس كان قد عصى بأعمال الموصل، وتبعه خلق كثير من الأكراد وغيرهم، وأفسدوا البلاد فبعث المعتصم لحربه عبد الله بن السيد بن أنس فقاتله وغلبه [١] وأخرجه منها بعد أن كان استولى عليها ولحق بجبل دانس وامتنع بأعاليه، وقاتله عبد الله وتوغّل في مضايق ذلك الجبل، فهزمه الأكراد وأثخنوا في أصحابه بالقتل، وقتل إسحاق بن أنس عم عبد الله فبعث المعتصم مولاه إتياخ في العساكر إلى الموصل سنة خمس وعشرين وقصد جبل داسن فقاتل جعفرا وقتله وافترق أصحابه، وأوقع بالأكراد واستباحهم وفروا أمامه إلى تكريت.
[نكبة الأفشين ومقتله]
كان الأفشين من أهل اشروسنة تبوّأها ونشأ ببغداد عند المعتصم وعظم محلّه عنده ولما حاصر بابك كان يبعث إلى أشر وسنة بجميع أمواله، فيكتب ابن طاهر بذلك إلى المعتصم، فيأمره المعتصم بأن يجعل عيونه عليه في ذلك. وعثر مرّة ابن طاهر على تلك الأموال فأخذها وصرفها في العطاء، وقال له حاملوها: هذا مال الأفشين، فقال: كذبتم لو كان ذلك لأعلمني أخي أفشين به، وإنما أنتم لصوص، وكتب إلى
[١] بياض بالأصل وفي الكامل لابن الأثير ج ٦ ص ٥٠٦: وكان جعفر بمانعيس قد استولى عليها.