للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخبر عن القبط وأوّلية ملكهم ودولهم وتصاريف أحوالهم والإلمام بنسبهم

هذه الأمّة أقدم أمم العالم وأطولهم أمدا في الملك، واختصوا بملك مصر وما اليها، ملوكها من لدن الخليقة إلى أن صبحهم الإسلام بها، فانتزعها المسلمون من أيديهم. ولعهدهم كان الفتح، وربما غلب عليهم جميع من عاصرهم من الأمم حين يستفحل أمرهم مثل العمالقة والفرس والروم واليونان، فيستولون على مصر من أيديهم، ثم يتقلّص ظلهم، فراجع القبط ملكهم هكذا إلى أن انقرضوا في مملكة الإسلام.

وكانوا يسمون الفراعنة سمة لملوك مصر في اللغة القديمة، ثم تغيرت اللغة وبقي هذا الاسم مجهول المعنى، كما تغيرت الحميريّة الى المضريّة، والسريانيّة إلى الروميّة.

ونسبهم في المشهور إلى حام بن نوح، وعند المسعودي إلى بنصر بن حام، وليس في التوراة ذكر لبنصر بن حام وإنما ذكر مصرايم وكوش وكنعان وقوط. وقال السهيليّ إنهم من ولد كنعان بن حام لأنه لما نسب مصر، قال فيه: مصر بن النبيط أو ابن قبط بن النبيط من ولد كوش بن كنعان. وقال أهروشيوش: إنّ القبط من ولد قبط ابن لايق بن مصر. وعند الإسرائيليين أنهم من قوط بن حام.

وعند بعضهم أنهم من كفتوريم قبطقايين ومعناه القبط.

وقال المسعودي اختص بنصر بن حام أيام النمروذ ابن أخيه كنعان بولاية أرض مصر، واستبدّ بها وأوصى بالملك لابنه مصر، فاستفحل ملكه ما بين أسوان واليمن والعريش وأيلية وفرسيسة [١] ، فسميت كلها أرض مصر نسبة إليه، وفي قبليها النوبة وفي شرقيها الشام وفي شمالها بحر الزقاق وفي غربها برقة والنيل من دونها. وطال عمر مصر وكبر ولده وأوصى بالملك لأكبرهم وهو قبط بن مصر أبو الأقباط، فطال أمد ملكه وكان له بنون أربع: قبط بن مصر وأنّ مصر هو الّذي قسّم الأرض وعهد إلى أكبرهم بالملك وهو قبط، فغلب عليهم فأضيفوا إليه لمكان الملك والسنّ، وملك بعد قبط بن مصر أشمون بن مصر، ثمّ من بعده صا ثمّ أخوهما أتريب، ثم عدّ ملوكا بأسماء


[١] وفي نسخة أخرى: فرسية.

<<  <  ج: ص:  >  >>